للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب حمل الجنازة]

مسألة: قال: روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين".

وهذا كما قال: القصد من هذا الباب كيفية ما يستحب حمل الجنازة وإن حملها بين العمودين عند كثرة الناس مستحب وهو الأفضل من حملها من الجوانب الأربعة، وقال أحمد: التربيع أفضل، وقال النخعي والحسن وأبو حنيفة والثوري: يكره الحمل [٣٢٢ أ/٣] بين العمودين وروي عن الشافعي أنه قال: لم يرض أبو حنيفة إن حمل ما كان ينبغي أن يعلم حتى غاب على فعل وعلم، وقال مالك: التربيع وبين العمودين سواء، واحتج بما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "إذا اتبع أحدكم جنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة، ثم ليتطوع بعد أو ليذر" فإنه من السنة، وهذا غلط لما ذكرنا من حديث سعد بن معاذ. وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه حمل سرير ابنه بين العمودين، وعن سعد بن أبي وقاص أنه حمل سرير عبد الرحمن بن عوف بين العمودين، وعن أبي هريرة أنه حمل سرير سعد بن أبي وقاص كذلك، وحمل ابن الزبير سرير المسور بن مخرمة، وأما ما رووه رواه أبو عبيدة عن أبيه، ولم يلقه ثم نحمله على الجواز، وقال بعض أصحابنا بخراسان: ذكر الشافعي هذه الأخبار لا لأنه أولى من الحمل بين الجوانب، ولكن ليتبين الجواز، فإن أبا حنيفة ينكره ويقول: ليس بشيء. وقيل: الأفضل الجمع بين العمودين والتربيع تارة تارة، فإن أراد الاقتصار بالحكم على ما ذكرنا، وقال المزني: أرى أن الأولى من مذهب الشافعي أن يدخل بين العمودين وليس كذلك؛ بل الأولى [٣٢٢ ب/٣] أن يجعل أحد العمودين على منكبه، فإن كثر الناس فلا بأس أن يدخل بين العمودين، فإذا تقرر هذا، فيكفيه حملها بين العمودين أن ينتصب رجل أمامها ويأخذ عموديها بيديه، والجنازة كأنها على كاهله، يعني ما بين العمودين وينتصب وراءها رجلان فيأخذ كل واحد بعمود واحد فيكون محموله بثلاثة، فإن ضعف الأول فمشى تحت الجنازة من يعينه فلا بأس، وإنما قلنا في المؤخر: يحتاج إلى رجلين لأنه لو أدخل رأسه تحت الجنازة لم ير بين يديه ولا يمكن الشيء وإن جعل وجهه إلى ورائه لا يمكن المشي أيضاً. وقال بعض أصحابنا: يجعل العمودين على عاتقيه وليس هذا باختلاف، بل إن أمكن هذا فعل وإن لم يمكن، فإن كانت الجنازة عريضة واسعة فعل ما ذكرنا أولاً، وقال بعض أصحابنا: فإن لم يمكنه ذلك جعل واحد الخشبة المعترضة بين العمودين من مقدم الجنازة على كاهله ويأخذ آخران العمودين فيحصل الحمل بخمسة ويكون الحاملون في الحملة وتران.

قال بعض أصحابنا بخراسان: هذا مراد الشافعي في كل حال. وأما صورة الحمل على التربيع لمن أراد التبرك بحمل الجنازة من جوانبها كلها [٣٢٣ أ/٣] هو ما قال في

<<  <  ج: ص:  >  >>