فصل: فأما ولاء الموالاة وصورته: في رجل لا يعرف له نسب ولا ولاء فيوالي رجلاً يعاقده ويحالفه ويناصره فهذا عند الشافعي وجمهور الفقهاء لا يتوارثان به. وقال إبراهيم النخعي: يتوارثان بهذه الموالاة وليس لواحد منهما نقضهما، وقال أبو حنيفة يتوارثان بها ولكل واحد منهما نقضها ما لم يعقل عنه صاحبه، فإن عقل له لم يكن له نقضها فاستدل على استحقاق التوارث بها بقوله تعالى:{والَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}[النساء: ٣٣] وبرواية تميم الداري أن رجلاً فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق الناس بمحياه ومماته".
والدليل على فسادها ما ذهبا إليه قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الولاء لمن أعتق" فأثبته للمعتق ونفاه عن غير المعتق.
وروى جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" ولأن كل من لماله جهة ينصرف إليها لم يجز أن ينقله بالموالاة إلى غيرها كالذي له نسب أو عليه ولاء، ولأن كل جهة لا يتوارث بها مع النسب والولاء لا يتوارث بها مع عدم النسب والولاء كالنكاح الفاسد، فأما الآية فمنسوخة حين نسخ التوارث بالحلف وقد ذكرناه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"أنت أحق بمحياه ومماته" فمعناه أحق بنفسه دون ماله في نصرته في حياته ودفنه والصلاة عليه بعد وفاته والله أعلم بالصواب.
[باب ميراث الجد]
مسألة
قال الشافعي رحمه الله تعالى:"والجد لا يرث مع الأب فإن لم يكن أب فالجد بمنزلة الأب إن لم يكن الميت ترك أحداً من ولد أبيه الأدنين أو أحداً من أمهات أبيه وإن عالت الفريضة إلا في فريضتين زوج وأبوين أو امرأة وأبوين فإنه إذا كال فيهما مكان الأب جد صار للأم الثلث كاملاً وما بقى فللجد بعد نصيب الزوج أو الزوجة وأمهات الأب لا يرثن مع الأب ويرثن مع الجد".
قال في الحاوي: أما الجد المطلق فهو أبو الأب لا غير، فأما أبي الأم فهو جد بتقييد، ثم الجد يجمع رحماً وتعصيباً كالأب، فيرث تارة بالرحم فرضاً مقداراً ويرث