وأما المزابنة قال الشافعي: وجماع المزابنة أن ينظر إلى كل ما عقد بيعه وفي الفضل في بعضه [١٠٨/ أ] على بعض يداً بيد ولا يجوز منه شيء يعرف بشيء منه جزافاً ولا جزافاً، بجزاف من صنفه ومعناه أن المزابنة المحرمة ليست بمقصورة على التمر أو الثمار ولكن كل ما يحرم فيه التفاضل إذا بيع جزاف به بمعلوم أو جزاف يسمى مزابنة مثل أن يبيع ثمرة موضوعة بالأرض مكيلة بثمرة على رؤوس التخل أو ثمرة بثمرة موضوعتين على الأرض أو سائر المطعومات مما يجري فيه الربا إلا في العرايا على ما سنذكر وهو مشتق من الزبن وهو الدفع سمي به لأنهما ربما يتلفان فيما يحصل من ذلك الرطب هل كان مثل التمر ويؤدي الأمر بينهما إلى التدافع والخصومة يقال: تزابنا أي تدافعا ووافقنا مالك في تحريك هذا العقد ولكن تخالفنا في معنى اللفظ فنقول المزابنة أن يقول الرجل لآخر: صبرتك هذه مائة صاع مثلاً فيقول المالك لا بل هو أقل فيقول ضمنتها لك مائة صاع فإن زاد فلي وإن نقص فعلي، فقال الشافعي: هذا قمار بخاطره وليس بعقد ولا من المزابنة في شيء وهكذا لو قال الرجل: عد قثاك أو بطيخك هذا المجموع فما نقص من مائة فعلي وما [١٠٨/ ب] زاد فلي أو اطحن حنطتك هذه فما زاد على كذا فلي وما نقص فعلي فهذا محرم غير مأذون فيه وداخل في القمار وأكل المال بالباطل.
فرع
روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهي عن بيع المعاومة" وهو بيع السنين وقد ذكرنا صورته.
فرع آخر
روي أنه - صلى الله عليه وسلم -: "نهي عن بيع المجر" قال أبو عبيد: هذا يقرأ بالتخفيف وهو بيع حمل الناقة، وهذا لأنه غرر ومخاطرة وقيل: المجر القمار والمجر المزابنة والمحاقلة.
[باب بيع العرايا]
قال: أخبرنا مالك الخبر، ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إخبار عن بيع العرايا منها ما روي الشافعي رضي الله عنه عن داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص في العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق" الشك من داود.
وروي ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - رضي الله عنه -: "نهى عن بيع [١٠٩/ أ] التمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرايا"، وروي الشافعي: حديثاً فيه قلت لمحمود بن لبيد أو قال محمود بن لبيد لرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما زيد بن ثابت أو غيره: ما عراياكم هذه؟ وسمي رجالاً محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطباً يأكلونه مع الناس وعندهم فضول من قوتهم من التمر