بقي شاهد واحد، وعلى الوجه الثاني: ثلثاها، فأما جميعها فلا.
فصل:
فإذا ثبت الرجوع على الشهود بغرم الدين الذي رجعوا عنه على ما وصفنا من التقرير والتفريج، فلا فرق في الرجوع بين عمدهم وخطئهم بخلاف الدماء، لأن ضمان الأموال يستوي فيه العمد والخطأ والدماء يفترق فيها حكم العمد، والخطأ، ويفسقون فيها بالعمد دون الخطأ ويعزرون في عمد الأموال وعمد الدماء إذا لم يجب فيها القود فإن وجب فيها القود فأقيدوا في نفس أو طرف، سقط التعزير لدخوله على القود فإن عدل ولي الدم فيه عن القود إلى الدية ففي تعزير الشهود وجهان:
أحدهما: لا تعزير عليهما، لأن الدية تدل على القود الذي يسقط به التعزير.
والثاني: يعزرون، لأن التعزير ثابت يختص بالأبدان.
[باب علم الحاكم بحال من قضى بشهادته]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله:"وإذا علم القاضي أنه قضى بشهادة عبدين أو مشركين أو غير عدلين من جرحٍ بين أو أحدهما رد الحكم على نفسه ورده عليه غيره ".
قال في الحاوي: قد مضي القول في أن شهادة العبد والكافر غير مقبولة بما قدمناه من الدليل، فإذا ثبت حكم الحاكم بشهادة شاهدين في حد أو قصاص، أو عتق، أو طلاق، أو ملك، أو مال، ثم بان له بعد نفوذ حكمه بهما، أنهما عبدان أو أحدهما أو كافران أو أحدهما بعد والآخر كافر، فإن الحكم بشهادتهما مردود، لأنه حكم بشهادة من لا يجوز له الحكم بها فصار كحكمه بها مع علمه وجرى مجرى من حكم بالاجتهاد ثم بان له مخالفة النص، كان حكمه مردوداً قبل الحكم وبعده.
فإن قيل: فقد اختلف في شهادة العبد، فأجازها سريج والنخعي، وداود وأجاز أبو حنيفة شهادة الكافرين موضع، واختلاف فيها دليل على جواز الاجتهاد فيها، ولا يجوز أن ينقضي بالاجتهاد حكماً نفذ بالاجتهاد.
قيل: قد اختلف فيما ردت به شهادة العبد على ثلاثة مذاهب:
أحدهما: بظاهر نص لم يدفعه دليل، فصار كالدليل، وهو قوله تعالى:{مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] وليس العبد ممن يرضى. فعلى هذا يكون الحكم بشهادته مخالفاً للنص فكان مردوداً.
والثاني: أنها مردودة بقياس على الشواهد غير محتمل، انعقد عليه إجماع