للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

[كتاب الشركة]

تحريت فيها مذهب الشافعي رحمة الله عليه. قال المزني رحمه الله: "الشركةُ من وجوٍه".

الفصل

وهذا كما قال: الأصل في الشركة وجوازها الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقول الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: ٤١] فأضاف الغنيمة إلى الغانمين ثم قطع منها الخمس لأهله فحصلت أربعة أخماس مشتركة بين الغانمين [٤٣/ ب] والخمس مشترك بين أهله. وأيضاً قوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] وأيضاً قوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية [ص: ٢٤]. والخلطاء هم الشركاء. وأما السنَّة ما روى جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان له شرك في رَبْعٍ أو حائط فلا يبعه حتى يُؤذن شريكه (١). وروي أن البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه، وما كان نسيئة فردوه" (٢). وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا" (٣). وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: يقول الله تعالى: "أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خان احدهما صاحبه خرجت من بينهما" (٤) رواه أبو هريرة رضي الله عنه. وروى مجاهد أن قيس بن السائب رضي الله عنه قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان شريكي في الجاهلية وكان خير شريك لا يشاري ولا يماري" (٥) المشاراة اللجاج.

وأما الإجماع فلا خلاف بين المسلمين في جوازها. فإذا تقرر هذا ذكر المزني أنه تحرى كتاب الشركة على مذهب الشافعي وهذا يوهم أنه ليس للشافعي شيء في الشركة


(١) أخرجه مسلم (١٣٣/ ١٦٠٨)، والترمذي (١٣١٢)، وأحمد (٣/ ٣١٢، ٣١٥)، والحاكم (٢/ ٥٦).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٣٧١).
(٣) أخرجه الدارقطني (٢/ ٥٩٣)، وابن حبان في "المجروحين" (٢/ ١٥٢).
(٤) أخرجه أبو داود (٣٥٣٥)، والترمذي (١٢٦٤)، والدارمي (٢/ ٢٦٤)، والحاكم (٢/ ٤٦).
(٥) أخرجه أبو داود (٤٨٣٦)، وابن ماجه (٢٢٨٧)، وأحمد (٣/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>