قد ذكرنا أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج فإذا أعسر بنفقتها لا يخلو إما أن يعسر بجميع نفقتها أو يعسر بما زاد على المد الواحد، فإن أعسر بجمع نفقتها كان لها الخيار بين أن ترضي بالمقام معه ونفقتها تصير دينًا في ذمته وتكتسب لنفسها ما يكفيها وبين أن تفسخ النكاح، فإن اختارت الفسخ رفعت أمرها إلى الحاكم حتى يفسخ الحاكم نكاحها ولا يجوز لها أن تفسخ بنفسها.
وبه قال عمر وعلي وأبو هريرة وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح، والحسن وحماد وربيعة ومالك، وأحمد، وإسحاق.
وقال القفال: فيه وجهان:
أحدهما: أنها تفسخ بنفسها بعدما ثبتت العجز عند القاضي.
والثاني: يؤمر الزوج أن يطلقها، فإن امتنع طلق عليه السلطان كما نقول في المولى قال الإمام أبو يعقوب الأبيوردي وعلى هذا يدل حديث عمر أنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم يأمرهم أن يأخذوهم إما أن ينفقوا أو يطلقوا فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا، وهذا غريب بعيد لم يذكره أهل العراق.
وقال أبو حنيفة: لا خيار لها بحال ولكن يلزمه رفع يده عنها لتكسب، وبه قال الزهري، وابن أبي ليلى، وعطاء بن يسار، وابن شبرمة، وقال القفال: هو قول آخر للشافعي، ذكره في كتاب تحريم الجمع، وهذا أيضًا غريب، وقال جدي الإمام، وبهذا أفتى رحمه الله واحتجوا بأنها نفقة واجبة فلا تستحق فسخ العقد بها كالنفقة للأيام الماضية ونفقة الخادم، وهذا غلط لما روى أبو صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما [ق ٢٠٠ ب].
وروي: من أعسر بنفقة امرأته فرق بينهما، وروى زيد بن أسلم عن أبي صالح، عن