للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستحباب دون الوجوب، وأنه إن حلف وتاب صحت أيمانه وتوبته كالمفيق فعلى هذا لا دليل للمزني فيه.

والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يجري عليه أحكام الصاحي فيما عليه مما يضره ولا يجري عليه أحكام الصاحي فيما له مما ينفعه، لأن السكر معصية توجب التغليظ فاختص بلزوم أغلظ الحكمين وسقوط أخفهما فعلى هذا لا دليل للمزني فيه لأن وقوع الطلاق تغليظ وصحة الأيمان تخفيف، والله أعلم.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "وقد قيل لا يبرأ المدعي عليهم إلا بخمسين يمينًا كل واحدٍ منهم ولا يُحتسب لهم يمينٌ غيره وهكذا الدعوى فيما دون النفس وقيل يلزمه من الأيمان على قدر الدية في اليد خمسٌ وعشرون وفي الموضحة ثلاثة أيمانٍ. قال المزني رحمه الله: وقد قال في أول بابٍ من القسامة: ولا تجب القسامة في دون النفس وهذا عندي أولى بقول العلماء".

قال في الحاوي: قد مضى تغليظ الأيمان في القسامة فأما تغليظها في غير القسامة من الدماء، فيه ثلاثة أقاويل:

أحدهما: تغليظ في النفس وفيما دون النفس وإن لم يحكم فيها بالقسامة تغليظًا لحكم الدماء وفي كيفية تغليظها ما قدمناه من الأقاويل.

والثاني: لا تغليظ في النفس ولا فيما دون النفس إذا سقطت القسامة اعتبارًا بسائر الدعاوي، والمستحق فيما يمين واحدة.

والثالث: أنها مغلظة في النفس ولا تغلظ فيما دون النفس لاختصاص النفس بتغليظ الكفارة وسقوطها فيما دون النفس. فأما المزني فإنه لما رأى الشافعي قال في أول الكتاب: لا قسامة فيما دون النفس وقال هاهنا: تغليظ الأيمان فيما دون النفس وهم وظن أن قوله اختلف في القسامة فيما دون النفس، وهذا ذلل ذميم فيه، لأن قوله لم يختلف أنه لا قسامة فيما دون النفس وإنما اختلف قوله في تغليظ الأيمان فيما دون النفس وهما مسألتان لم يختلف قوله في إحداهما واختلف في الأخرى، والله أعلم.

[باب كفارة القتل]

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأًً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء:٩٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>