للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب العارية]

[٢/أ]

مسألة (١): قال: وكل عارية مضمونة على المستعير.

الفصل

وهذا كما قال: أعلم أن العارية إباحة الانتفاع بعين من الأعيان، وقيل: إنها هبة المنافع مع استيفاء ملك الرقبة، وقال الأزهري: هي مشتقة من عاد الشيء إذا ذهب وجاء وتردد، ومنه قيل للغلام الخفيف: عيار لتردده وخفته في بطالته وكثرة ذهابه ومجيئه فيها، والعارية اسم وجمعها عواري وعواري بتخفيف الياء وتشديدها والعارية عقد معونة وإرفاق جاء الشرع بها وندب الناس إليها ولا يجب ذلك وقد كانت واجبة في ابتداء الإسلام حتى توعد الله تعالى من منعها فقال عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤)} إلى قوله {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)} [الماعون:٤ - ٧] قال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما: "الماعون العارية، وفسرها ابن مسعود فقال: هي عارية القدر والدلو والميزان (٢)، وروي عن على وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: "الماعون الزكاة وروى سعيد بن المسيب والزهري: "إنه المال بلسان قريش وقال محمد بن كعب القرظي: إنه المعروف، وقال أبو عبيد: الماعون اسم لكل منفعة وعطية، وقال محمد بن جرير الطبري: إنه المنافع. والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فالآية التي ذكرناها وأيضاً قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} [النساء:١١٤] والعارية من المعروف، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:٢] وهذا من البر. وأما السنة فما روى أبو أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته عام حجة الوداع: "العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم" (٣) ورواه أبو هريرة: "العارية مضمونة". وروى أمية بن صفوان عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعار منه يوم حنين أدرعاً فقال: أغصباً يا محمد أم عارية؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا بل عارية [٢/ب] مضمونة مؤداة" (٤). وروى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من صاحب إبل ولا بقر لم


(١) انظر الأم (٣/ ٣٢).
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٤٧).
(٣) أخرجه أحمد/ (٥/ ٢٦٧)، وأبو داود (٣٥٦٥)، والترمذي (١٢٦٥)، وابن ماجه (٢٣٩٨)، والبيهقي في "الكبرى" (١١٤٧٤).
(٤) أخرجه مسلم (٣/ ٤٠١)، وأبو داود (٣٥٦٢)، والنسائي (٥٧٧٦)، والحاكم (٢/ ٤٧)، والبيهقي (١١٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>