أحدهما: أن الدية تتبعض فجاز أن يشتركوا فيها، والكفارة لا تتبعض، فلم يصح اشتراكهم فيها.
والثاني: أن الدية بدل من النفس، وهي واحدة فلم يلزم فيها إلا دية واحدة، والكفارة لتكفير القتل وكل واحد منهم قاتل فلزم كل واحد منهم كفارة وهذان الوجهان دليل علي عثمان.
فصل:
فإذا ثبت وجود الكفارة علي كل قاتل بغير حق من عمد أو خطأ في كل مقتول من مسلم أو كافر، أو عبد فقد رضي الله تعالي فيها علي العتق والصيام.
فقال:{وتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}[النساء: ٩٢] فقدم عتق الرقبة، وشرط فيها الإيمان فلا يجزئ إلا عتق رقبة مؤمنة سواء كان المقتول مؤمنا أو كافرا، لأنه شرط إيمانها في عتقها عن قتل الكفار فكان إيمانها في عتقها عن قتل المؤمن أولي. فإن لم يجد الرقبة فاضلة عن كفايته علي الأبد سقط عنه التكفير بالعتق، وكفر بصيام شهرين متتابعين وهو نص القرآن فإن عجز عن الصيام ففيه قولان:
أحدهما: يعدل إلي الإطعام فيطعم ستين مسكينا، لأن الله تعالي نص عليه من كفارة الظهار وأطلق ذكره في كفارة القتل، فوجب أن يحمل إطلاقه في كفارة القتل علي تقيده في كفارة الظهار، لأن المطلق محمول علي المقيد من جنسه.
والثاني: أنه لا إطعام فيها وتكون الكفارة بأحد الأمرين باقية في ذمته إلي أن يقدر عليها، لأن الإبدال في الكفارات موقوفة علي النص دون القياس، ولا يجوز حمل مطلقها علي المقيد إلا في الوصف دون الأصل، كما حمل إطلاق اليد في التيمم علي تقيدها بالمرافق في الوضوء لأنه حمل مطلق علي مقيد في وصف، ولم يحمل إغفال ذكر الرأس والرجلين في التيمم علي ما قيد من ذكرهما في الوضوء، لأنه حمل مطلق علي مقيد في أصل. كذلك في الكفارة حملنا إطلاق العتق في كفارة الظهار علي تقيده بالإيمان من كفارة القتل، لأنه حمل مطلق علي مقيد في وصف، ولم يحمل إغفال الإطعام في كفارة القتل علي ذكره الظهار لأنه حمل مطلق علي مقيد في أصل، والله أعلم بالصواب.
[باب لا يرث القاتل]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: ((قال أبو حنيفة لا يرث قاتل خطأ ولا عمدا إلا أن