للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه بلال بن الحارث أنه قال: قلت: يا رسول الله فسخ الحج لنا أو لنا ولمن بعدنا، فقال: (لا، بل لكم خاصًا) (١)، وقال أبو ذر: لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فسخ ذلك إلي العمرة لأن الجاهلية كانت تكره الاعتمار في أشهر الحج ويعدونه من أفجر الفجور، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم بالعمرة في زمان الحج ليتركوا سنة الجاهلية.

وقال أحمد: يجوز فسخ الحج إلي العمرة [٥٦/أ] لمن لم يسق الهدي في زماننا هذا، وهذا غلط لما ذكرنا، والله أعلم.

بَابُ مواقيت الحجّ

مسألة: قال (٢): ميقات أهل المدينة من ذي الحليفة.

الفَصْلُ

اعلم أن للحج ميقاتين:

أحدهما من جهة الزمان والآخر من جهة المكان، فأما ميقاته من جهة الزمان فقد مضي بيانه، وذلك الميقات لئلا يقدم الإحرام عليه. وأما ميقاته من جهة المكان، فهو ما بينه في هذا الباب. وهذا الميقات إنما هو لئلا يؤخر الإحرام عنه لا لئلا يقدم، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأهل كل ناحية ميقاتا علي ما ذكره الشافعي، فميقات أهل المدينة من ذي الحليفة، وهو موضع قريب من المدينة، وأهل الشام والمغرب ومصر وغيرها من الجحفة، وأهل نهامة اليمن يلملم، وأهل نجد اليمن ونجد قرن يريد أن تهامة تهامتان، ولكل واحد منهما ميقات علي حدة، والنجد نجدان وميقاتهما واحد، وهو قرن، وذلك أن الحجاز يشتمل علي نجد وغور، فالنجد بلاد فيها ارتفاع، والغور بطونها والنجد أغلب.

وكذلك اليمن يشتمل علي نجد وغور، ويسمي الغور تهامة، فهما تهامتان/ تهامة اليمن، وتهامة الحجاز ومكة من تهماة الحجاز، وجملته أربعة مواقيت منصوصة بلا خلاف.

روي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن. هذه الثلاثة سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرت أنه قال: (ويهل أهل اليمن من يلملم" (٣) [٥٦/ب] لأهل المدينة ذا الحليفة وأهل الشام: الجحفة، وأهل نجد من قرن وأهل اليمن يلملم، وأما ذات عرق، قال الشافعي: وأهل المشرق ذات عرق وهذا الميقات الواحد مما اضطربت فيه الأخبار، واختلفت فيه العلماء وهو ميقات أهل العراق وخرسان ولم يكونو أسلموا علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك أشكل الأمر في ميقاتهم إلا أن أكثر أهل العلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك أشكل الأمر في ميقاتهم إلا أن أكثر أهل العلم علي ما قال الشافعي، وهي علي مسيرة ليلتين من مكة، وروي عن طاوس أنه قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات عرق ولم يكن حينئذ أهل


(١) أخرجه أبو داود (١٨٠٨).
(٢) انظر الأم (٢/ ٥٩).
(٣) أخرجه البخاري (١٥٢٥)، ومسلم (١٣/ ١١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>