للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يلزمه القضاء لأنه مقيم فأشبه المستوطن وهذان الوجهان من اختلاف أصحابنا هل ينعقد به الجمعة أم لا؟ فأحد الوجهين: أن الجمعة لا تنعقد به وإن وجبت عليه فعلى هذا لا يلزمه قضاء القسم لأنه بالمسافر أخص.

والثاني: أن الجمعة تنعقد به كما تجب عليه، فعلى هذا يلزمه قضاء القسم لأنه بالمقيم أخص فإذا قيل: لا قضاء عليه، فلا مقال. وإذا قيل: عليه القضاء فعليه أن يقضي مدة المقام وفي قضاء مدة المقام وفي قضاء مدة العود وجهان:

أحدهما: يقضيه إلحاقًا بما تقدمه.

والثاني: لا يقضيه لمعاناة السفر فيه كالسفر في التوجه، والله أعلم.

[باب نشوز المرأة على الرجل]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَالَ الله تَبَارَكً وَتَعالَى {واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: ٣٤] قّالَ فِي ذَلكَ دَلاَلَةٌ عَلَى اخْتِلَافِ حَالِ المَرْأَةِ فِيمَا تُعَاتَب فِيهِ وَتُعَاقَب عَلَيْهِ فَإِذَا رَأَى مِنْهَا دَلَالَةً عَلَى الخَوْفِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ وَعَظَهَا فَإِنْ أَبْدَتْ نُشُزًا هَجَرَهَا فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ ضَرَبَهَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ {تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: ٣٤] إِذَا نَشَزْنَ فَخِفْتُمْ لَجَاجَتَهُنَّ فِي النُّشُوزِ يَكُونُ لَكُمْ جَمْعُ العِظَةِ وَالهَجْرِ وَالضَّربِ. وَقَالَ عَلَيهِ السَّلَامُ: «لَا تَضْرِبُوا إمَاءَ اللهِ» قَالَ: فَأَتَاهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُلَ اللهِ ذَئِرَ النِّسَاءُ عَلَىِ أَزْوَاجِهِنَّ فَأَذَنَ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَاف بآلِ مُحَمدٍ نِسَاءٌ كَثِرٌ، كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَجَهُنَّ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ أَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ سَبْعُونَ امْرَأَة كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَجَهُنَّ فَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارُكُمْ» وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ نُزُولُ الآيةِ بِضَرْبِهِنَّ ثُمَّ أَذِنَ فَجَعَلَ لَهُمُ الضَّرْبَ فَأَخْبَرَ أَنَّ الاخْتِيَارَ تَرْكُ الضَّرْبِ».

قال الحاوي: أما نشوز المرأة على زوجها فهو امتناعها عليه إذا دعاها إلى فراشه مأخوذ من الارتفاع ولذلك قيل للمكان المرتفع نشز فسميت الممتنعة على زوجها ناشزًا لارتفاعها عنه وامتناعها منه ولا يخلو حال النشوز بين الزوجين من أربعة أقسام:

أحدها: أن يكون النشوز من الزوج على الزوجة والأصل فيه قول الله تعالى: {وإنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا والصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨].

وقد مضى الكلام فيما يلزمه بنشوزه عنه وما لا يلزمه فإن الذي يؤخذ به جبرًا في نشوزه النفقة والكسوة والسكنى والقسم الذي يندب إليه استحبابًا أن لا يهجر مباشرتها ولا يظهر كراهيتها ولا يسيء عشرتها.

والثاني: أن يكون النشوز من الزوجة على الزوج والأصل في بيان حكمه قول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وبِمَا أَنفَقُوا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>