مَسْأَلُة: قال: (وإذا أحرم إمامًا، أو وحده نوى صلاته في حال التكبير لا قبله ولا بعده).
وهذا كما قال: لا تصح الصلاة إلا بنية. والأصل فيها ما تقدم من الآية والخبر، فإذا ثبت ذلك، فإن الكلام فيها في ثلاثة فصول في محّلها وكيفيتها ووقتها.
فأما محّلها فالقلب، فإن نوى بقلبه ونطَق بلسانه، فهو الكمال، وهذا إذا نطق قبل التكبير، ثم كبرّ ناويًا، وإن نطق بلسانه بهما، ولم ينِو بقلبه لم يعتد بهما، وإن نوى بقلبه، ولم ينطق بلسانه أجزأته.
ومن أصحابنا من سها، فقال: لا تجزئه حتى ينطق بلسانه، لأن الشافعي رحمه الله، قال في كتاب الحج:(وليس عليه أن يسمي حجًا ولا عمرة، وليس كالصلاة التي لا تصحّ إلا بالنطق)، وهذا غلٌط، لأن الشافعي قصد به الرد على أبي حنيفة حيث قال: لا بدّ مع النية في الحج من التلبية أو سوق الهدي حتى ينعقد، وأراد بالنطق في الصلاة التكبير لا التلفظ بالنية.
وأما كيفية النية، قال في (الأم): وكان على المصّلي في كل صلاٍة واجبة أن يصّليها وينويها بعينها فأوجب تعيين النّية [٥٧ أ/ ٢]. واختلف أصحابنا في ذلك، فقال أبو إسحق رحمه الله: عليه أن ينوي ثلاثة أشياء: الفعل والتعيين والفرض.
فالفعل أصلي، والتعيين قوله: الظهر أو العصر، والفرض قوله: فرض، قال ابن أبي هريرة رحمه الله: يكفيه أن ينوي الفعل والتعيين، فينوي صلاة الظهر، ولا يحتاج إلى نية الفرض، لأن صلاة الظهر لا تكون إلا فريضة فاستغنى عن نية الفرض. وبه قال أبو حنيفة رحمه الله، ولأن الصبي إذا صلّى بنية صلاة الوقت، ثم بلغ أجزأه، وإن لم يكن نوى الفريضة. ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأن من أعاد الصلاة في جماعة ينوي صلاة الوقت، ولا يكون فرضًا، وكذلك الصبي مأمور بأن يصّلي ينوي صلاة الوقت، ولا يكون فرضًا، والأشهر قول أبي إسحق، ولكن قول ابن أبي هريرة أصح في القياس.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: يحتاج أن ينوي فرض الوقت ليتميز عن القضاء، ولم يذكره أهل العراق، أو يقول: أؤدي صلاة الظهر فريضة، وقيل: يحتاج أن ينوي لله