يعني إذا قال: رقيقي أحرار، أو مماليكي أحرار، أو إن دخلت الدار فمماليكي أحرار، أو رقيقي أحرار ودخل الدار، فإن كان عبيد وإماء عتقوا؛ لأن هذا الاسم يتناولهم حقيقة، وإن كان مدبرًا أو مدبرة عتقًا أيضًا؛ لأنهما في حكم العبد القن، ولو باشرهما بالعتق عتقًا، وإن كانت له أم ولدٍ عتقت أيضًا؛ لأنه لو باشرها بالعتق عتقت، وكذلك إذا كان له أشقاصٌ من عبيدٍ وإماءٍ يحكم بعتقهم؛ لأنه يملك ذلك ملكًا حقيقةً، وإن كان له مكاتب أو مكاتبة فإن نوى عتقهما عتقًا بالنية، وإن أطلق ولم ينو فالمنصوص أنهما لا يعتقان؛ لأنه خارج عن ملك سيده في تصرفه فلا يتصرف في رقبته ولا منفعته، ويستحق كل واحدٍ منهما الحقوق على صاحبه فلا يدخل في اسم المماليك. واعلم أن الشافعي علل فقال:"لأن المكاتب خارج عن ملكه بمعنى داخل". وله تأويلان:
أحدهما: أنه خارج عن ملكه مع براء عقد الكتابة، وداخل في ملكه بتعجيزه نفسه.
والثاني: أنه أراد أنه خارج ببعض أحكام الحرية له، وداخل بثبوت بعض أحكام الرق له.
وقال الربيع: سماعي من الشافعي أنهما يعتقان، فمن أصحابنا من لم يجعل هذا قولاً للشافعي، وقال: هذا من كيس الربيع وتخريجه وليس بقول الشافعي. ومنهم من قال وهو الصحيح: هذا قول آخر ففي المسألة قولان؛ لأنه قال: سماعي منه وهو ثقة فيما يرويه، ووجه قوله:"المكاتب عبد ما بقي عليه درهم". ويؤكده أنه مملوك لسيده، ولهذا لا ولاية ولا شهادة، وهذا لا يصح؛ لأن من أصحابنا من قال: يجوز أن يكون مملوكًا لا مالك له كستر الكعبة. ومنهم من قال: مملوك لنفسه ولا يعتق؛ لأنه لم يكمل ملكه، كما إذا [١/ أ] اشترى عبدًا فإنه يملكه ولا ينفذ عتقه فيه؛ لأنه لم يكمل ملكه.
فإنه قيل: أليس لو أعتقه نفذ عتقه فدل أنه مملوك؟ قلنا: إذا واجهه بالعتق كان إبراٌ من مال الكتابة؛ لأن عتقه لا يحصل إلا به، ولهذا بقي له أولاده واكتسابه، وهنا أطلق اللفظ فينصرف إلى من ملكه حقيقة، ولا حاجة إلى استعماله في المكاتب ولا يتناوله المطلق في الحقيقة.