الحيوان ضربان: مأكول وغير مأكول، فالمأكول ضربان: إنسي ووحشي، فالإنسي أكله لا جزاء فيه بهيمة كان أو طائرًا، وفي الوحشي الجزاء بهيمة كان أو طائرًا، وأما لا يؤكل لحمه فعلى ثلاثة أضرب: منها ما فيه الجزاء قولًا واحدًا، وهو السمع، ومنها ما لا جزاء فيه قولًا واحدًا وهو ما وردت به السنة: الحية والعقرب والفويسقة والغراب والحدأة والكلب العقور.
ومنها ما هو مختلف فيه، وهو سباع البهائم كلها وجوارح الطير بأسرها لا جزاء غر شيء منها. وبه قال أحمد وقال أبو حنيفة: يجب الجزاء في كلها إلا الذئب، فإنه لا جزاء فيه، ثم جزاؤه أقل الأمرين من قيمته أو شاة.
وقال مالك: ما لا يبتدئ منه بالأذى كالبازي والصقر والكلب وصفار السباع يضمن بالجزاء، وهذا غلط لما روى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يقتل المحرم السبع العادي"، قال أصحابنا: والأسد والنمر من جملته، فإذا تقرر هذا، فالحيوان ضربان: أنسي وحشي، فالإنسي لا تأثر فيه للإحرام ولا للمحرم، فإن كان مأكول اللحم كالنعم والدجاج ونحوهما، فالمحل والمحرم. ومن في الحرم ومن في الحل [٢٢٩/ أ] في ذبحه سواء وإن كان مما لا يؤكل لحمه لم يحل ذبحه ولا قتله، كالبغال والحمير.
وأمّا الوحشي، فعلى ضربين: ما فيه الجزاء وما لا جزاء فيه، فما فيه الجزاء يحرم قتله بحرمة الإحرام، وحرمة الحرم سواء كان مأكولًا كظباء أو غيره مأكول كالسمع ونحوه. وأمّا ما لا جزاء فيه، فعلى ثلاثة أضرب:
منها: ما يستحبّ قتله ويثاب عليه.
ومنها: ما يكره قتله.
ومنها: ما هو مباح قتله، ولا يكره ولا يستحبّ. فأما ما يستحبّ قتله، فهو كل ما يضر ولا ينفع كالحية والعقرب والفأرة والحية والكلب العقور والنمر والذئب والدب والخنزير.
وفي هذا المعنى: الزنبور والبق والبعوض والبراغيث والقراد، ونحو ذلك. قالت عائشة رضي الله عنها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم: الفأرة والعقرب والغراب والحدأة والكلب العقور"، وهذا تنبيه على ما هو شر منها. وقال سويد بن غفلة: كان عمر رضي الله عنه يأمر بقتل الزنبور ونحن محرمون. وروى أبو سعيد الخدوي في الخبر: ويرمى الغراب ولا يقتله، فقيل: أراد به الغراب الصغير الذي يأكل الحب، وحكى عن النخعي: أنه لا يقتل الفأرة، وهو خلاف نصّ الخبر.