للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأداء انقضى زمان ظاهره، فصار لما تجدد بعده من لفظ العتق حكم مبتدأ.

واعلم أن الشافعي رضي الله عنه ذكر في «الأم» مسألتين في هذا الفصل، أحدهما: إذا قال لعبده: إن أعطيتين ثوبًا من صفته كذا وكذا، فأنت حر، فدفع ثوبًا على تلك الصفة إلا أنه مستحق للغير لا يعتق لأن الظاهر إعطاء ثوب يملكه وينتفع به والمستحق لا يملك، ولا ينتفع به، والثانية: قال: وكذلك لو قال لعبده: إن أعطيتني هذا الثوب فأنت حر فغصبه وأعطاه لا يعتق فسوى بين الثوب المطلق وبين الثوب المعين، وقد فصل بينهما في الخلع، فقال: [١٥٧/ أ] في الثوب المطلق لا يقع الطلاق وفي المعين، قال: يقع الطلاق فمن أصحابنا من قال: فيهما قولان نقلًا وتخريجًا، ومنهم من حمله على ظاهرها وفرق بأن الطلاق له من التغليب ما ليس للحرية ألا ترى أنه لا يجوز أن يقف في بعض الشخص بحال والعتق قد يقف في بعض الشخص.

وأيضًا الفرق أن للزوجة مدخلًا في رفع النكاح بالفسخ، فكان رفعه بالطلاق أوسع حكمًا وليس للعبد مدخل في رفع رقه فكان العتق أضيق حكمًا، وقال صاحب «الحاوي»: في هذا الفرق نظر، والذي عندي أن العتق يقع بالمستحسن إذا كان معينًا كالطلاق لأن المغلب فيهما مع التعيين حكم الصفة، وإن لم يكن الخلع أقوى لكونه عقد معاوضة لم يكن أضعف من مجرد العتق بالصفة.

[باب الوصية بالمكاتب والوصية له]

مسألة: قال: «ولو أوصى به لرجل وعجز قبل الموت، أو بعده لم يجز».

أعلم أنه إذا كاتب عبده ثم أوصى برقبته فإن كانت الكتابة صحيحة لا تصح الوصية لأن للسيد وإن كان يملك المكاتب ملكًا ضعيفًا فإنه يحول بينه وبين التصرف في رقبته ومنفعته ولا فرق بين أن يعجز أو لا يعجز حين يبتديء الوصية بعد الملك بالتعجيز، فإن قال السيد: إذا عجز المكاتب وبطلت كتابته فقد أوصيت به لفلان تكون هذه وصية صحيحة إن عجز لأنه وصية بصفة ونظير هذا أنه لو أوصي لرجل بعبد لا يملكه لا يجوز وإن ملكه بعد ذلك حتى يستأنف الوصية [١٥٧/ ب] بعد الملك ولو أوصي بعبد لا يملكه إن ملكه صحت الوصية وعلى هذه إذا أوصي بثلث ماله ولا مال له ثم ملكه فالمشهور جوازه لأن تقديره بثلث مالي إن مكلته فتكون هذه الوصية مضافة إلى ملك فيصح، وإذا قال: أوصيت له بثلث ما اكتسبه أو بثلث ما أملكه إلى الموت يصح لأنها مضافة إلى ملكه.

مسألة: قال: «ولو أوصي بكتابته جازت في الثلث».

يعني: إذا كاتب عبده كتابة صحيحة ثم أوصي بالمال الذي في ذمته، فإن الوصية تصح لأنه مالك لذلك المال، فصار كمات لو أوصي بدين له في ذمة إنسان تصح

<<  <  ج: ص:  >  >>