قال: قال الله تعالى: {فَإنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[الطلاق: ٦] الآية وهذا كما قال: اشتقاق الإجارة من الأجر، والأجر هو الثواب وسمى الله تعالى المهر أجرًا يعني عوضًا في مقابلة البضع والأصل في جواز الإجارة الكتاب والسنَّة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى:{فَإنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فأجاز الإجارة على الرضاع، واللبن قد يقل ويكثر وشرب المرضَع يقل ويكثر فلأن تجوز [١٥٣/ أ] سائر الإجارات والضرر فيه أقل أولى وأيضًا قال الله تعالى: {إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَاجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}[القصص: ٢٧] فجوّز إجارة موسى صلى الله عليه وسلم نفسه لبضع ابنة شعيب صلى الله عليه وسلم وأيضًا قوله تعالى في قصة الخضر وموسى صلى الله عليهما: {فَوَجَدَا فِيهَا جِداَرًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}[الكهف: ٧٧] فدل على جواز أخذ الأجرة في الإجارة. وأما السنَّة فما روي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"، وروى سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنه قال: كنا نكري الأرض بما على السواقي من الزرع فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمرنا أن نكريها بذهب أو ورق، وروى أبو أمامة التيمي قال: سألت ابن عمر: ألستم تلبون وتطوفون بين الصفا والمروة إن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل: عما تسألوني عنه فلم يردّ عليه حتى نزل {فَوَجَدَا فِيهَا جِداَرًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}[البقرة: ١٩٨] فتلاها عليه.
وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجَّام أجره، وروي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"قال ربكم: ثلاثة أنا خصمهم ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بي عهدًا ثم غدر ورجل باع حرًا وأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى عمله ولم يوفّه أجره"، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة