للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير مستعمل, فإن قلب على رأسه لم ترتفع الجنابة؛ لأنه انفصل عن اليد فصار مستعملاً, وفيه وجه آخر أنه لا يصير الماء مستعملاً لأنه لا يقصد بإدخال اليد فيه غسل اليد من طريق العادة, بل يجعل يده آلة لنقل الماء على رأسه فيصير كمن أدخل يمينه في الإناء قاصدًا أن يكون يمينه آلة يقلب الماء بها على رأسه, لا يصير الماء مستعملاً فعلى هذا لا تصير اليد [١٣٥ أ/ ١] مغسولة إلا أن بمفردها أو يمر عليها الذي قلب منه على رأسه, وهكذا الحكم في الحدث إذا أدخل يده في الإناء بعد غسل الوجه.

[باب فضل الجنب وغيره]

قال: أخبرنا مالك وذكر الخبر. وهذا كما قال: اعلم أن هذا الباب يشتمل على مسألتين:

إحداها: جواز التوضئ بفضل وضوء الغير, وهو على ضربين؛ مستعمل, وغير مستعمل فالمستعمل له باب يأتي, وأما ما فضل في الإناء فهو طاهر يجوز التوضئ به, سواء فضل عن الرجل أو عن المرأة, ويجوز لكل واحد منهما أن يتوضأ بفضل صاحبه, ولا فرق بين فضل الوضوء وبين فضل الغسل. وروي عن أحمد أنه قال: "لا يجوز أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة إذا خلت به" وبه قال إسحاق, وعنه رواية أخرى أنه يكره ذلك, وذكر أصحابنا بخراسان عنه أنه قال: يجوز لكل واحد منهما استعمال ما فضل في الحالة التي تستعمله, حتى لو أن جنبيين يغتسلان من إناء واحد جاز. فأما إذا استعملت وبقي البعض لا يجوز للرجل استعماله بعد ذلك, وروى الكراهة عن الحسن, وسعيد بن المسيب, وروى عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه قال: لا يكره فضل وضوءهما إلا أن تكون جنبًا

أو حائضًا, فإنها إذا [١٣٥ ب/ ١] خلت به قال: لا تقر به.

وحكي عن الشعبي والنخعي أنهما قالا: لا يجوز استعماله بحال, واحتج أحمد بما روى الحكم بن عمرو, أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة. وهذا غلط لما روى ابن عباس عن ميمونة قالت: أجنبت فاغتسلت في جفنة, ففضلت فيها فضلة, فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل منه, فقلت: إني اغتسلت منه, فقال: "الماء ليس عليه جنابة" واغتسل منه. وروي عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه قال: كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد. وأراد ما روى أنه كان إذ على ذاك على رأس المنبر حجر محفور مثل المهراس يجعل فيه الماء ويتطهر منه الرجال والنساء قبل نزول آية الحجاب. وروي من الجنابة كان يقول: "ابقي لي وأنا أقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>