وأراد أن يصافحني فقبضت عنه يدي وذهبت فاغتسلت [١٣٤ أ/ ١] ثم أتيته فقلت: يا رسول الله ما منعني من مصافحتك إلا إني كنت جنبًا. فقال: "ليست الجنابة في اليد أما علمت أن المؤمنين إذا تصافحا تحاتت ذنوبهما كما يتحات ورق الشجر".
وهذا إذا أدخل يده ليعرف حرارة الماء وبرودته, فإن أدخلها فيه بنية الغسل الواجب وأخرج, فإنه يصير الماء مستعملاً لا يصلح الطهور.
وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: إن أدخل رجله في ماء قليل نجس الماء, وكذلك في ماء ثان, فإن أدخلهما في ثالث لم ينجس, ولو أدخل يده لم ينجس لأنه يحتاج إلى إدخال يده دون رجله. وحكي هذا عن أبي يوسف وهو الأصح, وهو غلط؛ لأنه لا فرق بين اليد والرجل في حكم النجاسة.
فرع
لو نجس بدون الجنب كله فاغتسل غسلاً واحدًا طهر من نجاسته, وهل يطهر من جنابته؟ وجهان:
أحدهما: طهر لأن الماء لاقاهما في حالة واحدة, وليس ارتفاع أحدهما أولى من الآخر.
والثاني: لا يطهر حتى يغتسل ثانيًا لأن ماء الغسل الأول صار بملاقاة النجاسة مستعملاً فيها, وما استعمل في النجاسة لم يرتفع بع حدث الجنابة.
فرع
لو قلب الجنب الماء على رأسه وظهره نجاسة فأزالها. فإن قلنا: إن الماء المستعمل في الحدث يصلح لإزالة النجاسة نحكم بطهارة المحل, ولكن لابد [١٣٤ ب/ ١] من غسل ذلك الموضع كرة أخرى للجنابة في أحد الوجهين؛ لأنهما فرضان مختلفان. وإن قلنا: الماء المستعمل في الحدث لا يصلح لإزالة النجاسة فهل نحكم بطهارة الموضع؟ وجهان:
أحدهما: نحكم به لأن الماء قائم على المحل, وإنما يثبت له صفة الاستعمال بعد الانفصال.
والثاني: لا نحكم به, لأنا لا نجعل الماء مستعملاً في حكم الجنابة للحاجة, فإنا لو قلنا بخلافه لاحتاج كل جزء من بدنه إلى ماء جديد, وهذه طهارة أخرى, فيكون الماء مستعملاً في حكمها, فعلى هذا لابد وأن يغسل الموضع عن النجاسة ثم يغسلها مرة أخرى عن الجنابة؛ لأن بقاء النجاسة على الموضع يمنع ارتفاع الجنابة عنه بالماء الأول.
فرع آخر
لو أدخل يده في إناء بنية الغسل من الجنابة ليقلب الماء على رأسه, فالمذهب أن الجنابة ترتفع عن يده ويصير الماء في الإناء مستعملاً, والذي على اليد