حال ارتداده؟ قيل: في الكفر بالمال معنيان؛ أحدهما: التطهير عن الذنب. والثاني: الإرفاق بأهل الحاجة، فلئن لم يحصل بتفكيره في الردة معني التطهير فقد حصل معنى الإرفاق، ونظيرها الحد يتضمن التنكيل والتطهير ويوجب الحد على الكافر على وجه التنكيل لا على وجه التطهير، ولا نعتبر فيه نية القربة بل يكفر نية الكفارة فقط، كما ينوي في كنايات الطلاق والعتاق، أو نقول: النية تابعة في الكفارة والفعل مقصود إرفاقًا بالغير، فإذا حصل الفعل في حال تعذر النيية سقط الفرض، ولهذا قلنا في الزكاة: إذا امتنع من أدائها فأخذها الإمام من غير نية منهما جاز. وإن قلنا: تصرفه باطل وملكه زائل لا يجوز عتقه عن الكفارة أيضًا. وإن قلنا: تصرفه وملكه موقوفان فعتقه أيضًا موقوف، فإن أسلم تبينا جوازه عن الكفارة، وإن قتل تبينا أنه لا يجوز، ومن أصحابنا من قال: يجوز أن يكفر عن الظهار من ماله. وإن قلنا ملكه زائل وتصرفه مردود أو مراعى؛ لأنه استحق عليه قبل الردة فهو كالدين والزكاة والقصاص وحد القذف [١٥٧/ أ] كما صح أداءه الدين أو القود أو الحد، فكذلك الكفارة.
[باب ما يجزئ من العيوب في الرقاب الواجبة]
مسألة: قال "لمَا لمْ اعلمْ أحدًا ممَن مضى مِنْ أهلِ العلمِ ولا ذكرَ لي عنهُ ولا بقيَ من خالفٍ فِي أَنْ من ذواتِ النقصِ مِنْ الرقابِ مَا لا يجزئ".
الفصل
قال الشافعي:"لا خلاف بين أهل العلم" وأراد أهل العلم المتقدمين. وقوله: ولا بقي أراد ممن بقي أن بعض العيوب يمنع الجواز في الكفارة وبعضها لا يمنع. وحكي عن داود أنه قال: يجوز مع كل عيب وهو كان بعض الشافعي، واحتج بأن اسم الرقبة يقع عليه وهذا غلط؛ لأن المقصود بالعتق في الكفارة تكميل الأحكام وتمليك المنفعة، وهو أن يصير بالحرية مالكًا لمنافع نفسه، فيجب أن يكون كامل المنافع، ولأن العتق أحد لا ما يكفر به فلا يجوز ما يقع عليه الاسم أصله الإطعام، فإنه لا يجوز فيه المسوس، وإن كان اسم الطعام يقع عليه.
فإذا تقرر هذا نقول: كل عيب في الرقبة يضر بالعمل ضررًا لا يمنع جوازها في الكفارة وكل عيب لا يضر بالعمل ضررًا بينًا لا يمنع جوازها في الكفارة، وهو كالبيع ما يؤثر في مقصوده يعد عيبًا، وما لا يؤثر في مقصوده لا يعد عيبًا، فعلى هذا نقول الأعمى لا يجوز؛ لأنه عاجز عن الاكتساب فلا يمكن العمل مع العمى في أكثر الصنايع والأعوز لا يجوز؛ لأن ما يعمل ذو العينين يعمل الأعور ويخالف الأضحية،