للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي بظاهره يدل على فساد النهي عنه على مذهبه.

فرع

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يدخل رمضان (١) "وروي: "فلا صوم إلا لرمضان "قال أصحابنا: إذا ابتدأ الصوم قبل انتصاف شعبان ثم وصله برمضان أو وافق آخر أيام شعبان وردًا له فصام لا يكره ويجوز له ذلك ولو ابتدأ صيام نفل من غير سبب بعد انتصاف شعبان ووصل برمضان كره ذلك، وإن لم يكن شك لأنه يشبه استقبال الفرض وقد ورد عنه وهذه الكراهية هي كراهة تنزيه عندي ويحتمل أنه استحب إتمام الصيام في بقية شعبان ليتقوى به على صيام رمضان فإنه ربما يضعف عن صوم رمضان، ومن أصحابنا من قال: لا يكره ذلك بحال لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يتقدموا رمضان بيوم أو يومين (٢) "فنهى عن صوم يومين قبل رمضان والخبر الذي ذكرنا غير ثابت.

[باب الجود والأفضال في شهر رمضان]

قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد ... الخبر.

وهذا كما قال: [٣٥١ ب/ ٤] هذا كتاب ليس من أحكام الصيام وقصد به الندب لأولي السعة والغنى على الزيادة والجود والأفضال في شهر رمضان وهو مستحب في شهر رمضان، وفي كل وقت ولكنه في رمضان أكد استحبابًا والأصل ما رواه الشافعي بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس بالخير "، أي: في عموم الأوقات "وكان أجود ما يكون في شهر رمضان (٣) وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن "أي: يدرس عليه فيعارضه كما يقرأ الإنسان على المقرئ "فإذا لقيه كان أجود بالخير من الريح المرسلة "فمنهم من قال: يريد أنه كان أسرع إلى الخير من الريح المرسلة فإنها تعم كل شيء، ثم قال الشافعي: ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم وأراد أن الحاجة بالناس إلى معايشهم في هذا الشهر مثلها في غيره وزيادة وفيه من أمر الصلاة والصيام الذي يشغلهم عن معاشهم ما ليس في غيره، فكذلك استحب الزيادة في هذا الشهر، وفي [٣٥٢ أ/ ٤] هذا الخبر الذي ذكرنا دليل على استحباب الزيادة تلاوة القرآن إذا دخل شهر رمضان وعلى أن من أراد قراءة القرآن في شهر رمضان خاصة وفي سائر الشهور عامة يستحب له أن يقرأ على غيره معارضة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض على جبريل عليه السلام في شهر رمضان، فأما من أراد التهجد به فهو مأمور به حينئذِ بأسكن وقت وأخلا زمان.


(١) أخرجه أبو داود (٢٣٢٧)، والبيهقي في "الكبرى" (٤/ ٢٠٩)، وابن عدى في "الكامل" (٢/ ٤٧٦، ٤/ ١٦١٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٩١٤)، ومسلم (٢١/ ١٠٨٢).
(٣) أخرجه البخاري (٦، ١٩٠٢، ٤٩٩٧)، ومسلم (٥٠/ ٢٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>