فأما الفصل الأول فسلم كلامه فيه، وأما الفصل الثاني فالتبس عليه حتى اختلط تعليله، وضعف دليله وفي كشفه إطالة يقتصر فيها على سيره عند تأمله، وبالله التوفيق.
[باب القصاص بالسيف وغيره]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "قال الله تعالى: {ومَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} قال: وإذا خلى الحاكم الولي وقتل القاتل فينبغي له أن يأمر من ينظر إلى سيفه، فإن كان صارمًا وإلا أمره بصارمٍ لئلا يُعذبه، ثم يدعه وضرب عنقه".
قال في الحاوي: ما أوجب القصاص من الجنايات ضربان: طرف، ونفس. فأما الطرف فلا يمكن مستحق القصاص من استيفائه بنفسه، لما يخاف من تعديه إلى ما لا يمكن استدراكه، وأما النفس فيجوز للولي أن يتولى استيفاء القود منها بنفسه إذا قدر على مباشرته للآية ولقول النبي صلى الله عليه وسلم "فأهله بين خيرتين: إن أحبوا قتلوا" وكما يستوفي جميع حقوقه بنفسه، ولأن القود موضوع للتشفي فكانت المباشرة فيه أشقى، وإذا كان كذلك فاستيفاؤه للقود معتبر بستة شروط:
أحدها: أن يحكم به الحاكم ليميز العمد المحض من عمد الخطأ، وليتعين بالحكم ما اختلف فيه الفقهاء، ولئلا يتسرع الناس إلى استباحة الدماء.
والثاني: أن يكون مستوفيه رجلًا فإن كانت امرأة منعت، لما فيه من بذلتها وظهور عورتها.
والثالث: أن يكون ثابت النفس عند مباشرة القتل، فإن ضعفت منع.
والرابع: أن يعرف القود ويحسن إصابة المفصل، فإن لم يحسن منع.
والخامس: أن يكون قوي اليد نافذ الضربة، فإن ضعفت يده لشلل أو مرض منع.
فإذا تكاملت فيه هذه الشروط الخمسة وصار بها من أهل الاستيفاء لم يخل حال الولي أن يكون واحدًا أو عددًا، فإن كان واحدًا قام باستيفائه، وإن كانوا عددًا خرج منهم من لم يتكامل فيه شروط الاستيفاء ولم يجز أ، يشترك الباقون فيه حتى يتولاه أحدهم، فإن سلموه لأحد كان أحقهم به وإن تنازعوا فيه أقرع بينهم، فمن قرع كان أحقهم باستيفائه، فإذا تعين الاستيفاء لواحد منهم اعتبر في استبقائه عشرة أشياء:
أحدها: حضور الحاكم الذي حكم له بالقود، أو نائب عنه ليكون حضوره تنفيذًا لحكمه. ط
والثاني: أن يحضره شاهدان ليكونا بينة ي استيفاء الحق أو في التعدي بظلم.
والثالث: أن يحضر معه من الأعوان من إن احتاج إليهم أعانوا، فربما حدث