يجوز أن يصلى على الميت في المسجد. وبه قال أحمد، وذكر بعض أصحابنا أنه أفضل وهذا ليس بمشهور، وقال في "الحاوي": لا يكره؛ بل يستحب، وقال أبو حنيفة ومالك: تكره الصلاة عليه في المسجد لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له". أورده أبو داود وهذا غلط لما روي أن سعد بن أبي وقاص لما مات قالت عائشة: أدخلوه المسجد ليصلي عليه، فأنكروا عليها ذلك فقالت:"والله لقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابني بيضاء، سهيل وأخيه في المسجد"، وروي أنها قالت: ما أسرع ما نسيتم، والله ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سهيل ابن بيضاء إلا في المسجد. وثبت أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما صلى عليهما في المسجد ولم ينكر منكر. وأما خبرهم فراويه صالح مولى التوءمة وهو ضعيف، ثم أراد به نقصان الأجر، لأن الغالب أن من صلى عليها في المسجد ينصرف إلى أهله ولا يشهد دفنه، وأن من سعى إلى الجبان وصلى عليها حتى يشهد دفنها يكون له قيراطان من الأجر، [٣٣٢ أ/٣] فصار من صلى عليها في المسجد كمن لا أجر له، بالإضافة إلى من صلى عليها في الصحراء.
[باب وقت صلاة الجنازة]
مسألة: قال: ويصلى على الجنازة في كل وقت.
وهذا كما قال. لا يكره الصلاة على الجنازة في وقت، ويجوز في جمع الأوقات. وبه قال أبو يوسف، وقال أبو حنيفة: يكره في ثلاثة أوقات: عند طلوع الشمس، وعند استوائها وعند اصفرارها حتى تغرب، وبه قال الثوري وأحمد وإسحاق، وقال الأوزاعي: يكره فعلها في الأوقات الخمسة المنهي عن الصلاة فيها. وبه قال ابن عمر وعطاء والنخعي وابن المبارك وقال أبو سليمان: هذا أول الخبر وأنه قول الأكثرين واحتجوا بما روي عن عقبة بن عامر قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب"، وقوله: تتضيف أي: تميل وقوله: نقبر فيهن موتانا: أراد الصلاة على الجنازة. وهذا غلط، لما روي