مسألة: قال: «وليس لسيده أن يفسخ كتابته حتى يعجز عن أداء نجم».
الفصل
إذا كاتب عبده على مالٍ ثم أراد فسخه نظر، فإن لم يكن حل عليه نجم لم يكن له الفسخ وكذلك إن حل عليه نجم ولكن معه ما يؤديه ولم يمتنع من الأداء لأنه لا ضرر على السيد، ولا تعذر عليه حقه، وإن كان قد حل عليه المال، وليس معه ما يؤدي أو كان معه، ولكن امتنع من الأداء، فللسيد أن يفسخ ولا فرق بين أن يتعذر عليه جميع المال، أو بعضه، وبين النجم الأول وبين النجم الثاني، ثم ينظر فإن العبد حاضرًا يفسخه بنفسه، ولا يحتاج إلى حاكم لأنه فسخ مجمع عليه كالرد بالعيب، وإن كان العبد غائبًا فليس للسيد أن يفسخ، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ويثبت عند الحاكم أن له على المكاتب مالًا وأنه قد تعذر عليه الأداء، فإذا فعل ذلك استحلفه الحاكم مع البينة على ما تقدم بيان اليمين، وقضي له بالفسخ وهذا لأنه قضاء على الغائب، وقال في «الحاوي»: هكذا قال البغداديون من أصحابنا، [١٥٢/ ب] وهذه اليمين استظهار عند أكثر أصحابنا لأن ليمين لا تجب إلا بطلب مستحقها، ومن أصحابنا من قال: هذه اليمين واجبة في فسخ الحاكم كيلًا يفسخ إلا بحق تزول معه الشبهة، وقال البصريون من أصحابنا: ينفرد السيد عند غيبته كما عند حضوره، وقال ابن أبي ليلي: لا يكون عجزه إلا عند الحاكم، وقال أبو يوسف: لا أرده في الرق إلا أن يتوالى عليه نجمان، واحتج بما روى عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول: يرد الرجل في الرق حتى يتوالي عليه نجمان، ودليلنا ما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما كاتب عبدًا له على ثلاثين ألفًا، فقال له: أنا عاجز، فقال له: امح كتابتك، فقال: امح أنت، ويحمل قول علي رضي الله عنه على الاستحباب، ولأنه دخل في الكتابة على أن يسلم له المال عند انقضاء كل نجم، فإذا لم يسلم ذلك كان له فسخها كما لو توالى عليه نجمان، وروي عطاء بن رباح أن ابن عمر رضي الله عنهما كاتب عبدًا له فأدي تسع مائة وبقيت مائة دينار فعجز فرده في الرق، وروي أن مكاتبًا له عجز فرده مملوكًا، وأمسك ما أخذ منه، وقال: شبيب بن عمر شهدت شريحًا رد مكاتبًا عجز في الرق، ولو كان العبد مليًا فامتنع من أداء النجم الذي حل عليه، أو أدي بعضه فللسيد فسخ الكتابة