للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيد بالنظر في مال ولده ولا يقبض مال الكتابة، فإن فعل لم تصح الوصية، وإن دفع المال إلى الوصي لم يعتق لأن الوصية لا تصح في حق أهل الرشد، وإن كان الورثة أطفالًا، أو مجانين، فإن لهم جد فهو الناظر في أمرهم، فلا تصح الوصية معه، فإذا دفع المال إليه عتق وذكر الداركي عن بعض أصحابنا: أن وصي الأب أولى من الجد، وهو قول أبي حنيفة، وهذا الوجه غير مشهور عند أصحابنا، وإن لم يكن لهم جد وأوصي الأب إلى من ينظر في أمرهم صحت الوصية ويجب على المكاتب الدفع إلى الوصي، فإن كان واحدًا دفع إليه، وإن كانا اثنين نظر فإن أوصى إليهما وإلى كل واحدٍ منهما، على الانفراد جاز للمكاتب أن يدفع إليهما وإلى كل واحد منهما فإن أوصى إليهما ولم يوص إلى كل واحد منهما على الانفراد [١٥١/ ب] لم يجز أن يدفع إلى أحدهما بل يجب الدفع إليهما، فإن دفع إلى أحدهما لم يعتق لأن الوصي رضي باجتهادهما معًا، وإن لم يكن الميت أوصى بالنظر في مال الأولاد، فالنظر في أمرهم للحاكم، فيرفع المكاتب الأمر إليه لينصب أمينًا، فيدفع المال إليه ويعتق، وإن كان بعض الورثة كبارًا، وبعضهم صغارًا، فالكبار يقضبون حقوقهم والحكم في حقوق الصغار ما ذكرنا إذا كان الميت قد أوصى أو لم يوص، وإن كان مال الكتابة ينصرف إلى الموصى له، فإن كان قد أوصى به لواحد بعينه، فالحق له فإن دفعه إليه جاز لأنه مستحقه، وقال صاحب «الإفصاح»: لا يجوز وحكاه القاضي الطبرى عنه، وهذا ليس بمذهب، وإن دفعه الوصي ليدفعه إليه جاز أيضًا، وإن كان قد أوصى به لأقوام غير معينين كالفقراء والمساكين، فلا يجوز للمكاتب أن يوصل المال إليهم بنفسه، بل عليه أن يدفعه إلى الوصي فإنه موضع اجتهاد، والميت لم يرض باجتهاد المكاتب، وإنما رضي باجتهاد الوصي.

وإن كان مال الكتابة ينصرف إلى الغرماء وقضاء الديون ينظر فإن كان السيد قد أوصى بأن يقضي من مال الكتابة ديونه فالحكم فيه كما لو أوصي به لرجل بعينه فيجوز للمكاتب دفعه إلى أصحاب الديون، ويجوز أن يدفعه إلى الوصي وليس للورثة ههنا حق، وإن لم يكن أوصى فالحق للورثة والوصي معًا، فلا يجوز للمكاتب أن يدفعه إلا بحضرتهما ورضاهما لأن للورثة في ذلك حقًا، وهو أن لهم أن يأخذوا المال ويقضوا من عندهم.

وإن تلف المال في يد الوصي لا يضر المكاتب لأن القبض قد صح [١٥٢/ أ] إذا كانت الوصاية صحيحة، وقال القاضي الطبري: إذا كان عليه دين يحيط بتركته فدفع المكاتب إلى من له الدين، وقد ثبت دينه فقد بريء لوصوله إلى مستحقه نص عليه في «الأم»، وقال صاحب «الإفصاح»: لا يبريء وهو خلاف النص، وهذا خلاف ما ذكرنا عن أصحابنا وهذا النص غريب.

ولو دفع المال إلى الوارث في هذا الموضع قال الشافع: لا يعتق حتى يصل إلى صاحب الدين لأن الوارث إنما يستحق ما فضل عن الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>