للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع

لا يجب الجهاد على خنثى مشكل [١٧٢/أ] وإن بلغ لأنه لا يتيقن فيه الذكورة.

فرع آخر

من لا جهاد عليه من العبيد والنساء والولدان يجوز للإمام أن يأذن لهم في حضور الوقعة لأن فيهم معونة لإصلاح الطعام وتعليل المرضى ومداواة الجرحى وترضخ لهم من الغنيمة، ولا يجوز أن يأذن للمجانين في ذلك لأنه لا منعة فيهم وهم طعمة لأهل الحرب وعند مالك لا سهم للنساء ولا يرضخن بشيء، وقد روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يغزو بأم سلمة ونسوة من الأنصار فيسقين الماء ويداوين الجرحى)). فإن قيل: روي أن نسوة خرجن فأمر بردهن قيل: لعله لم ير القوة في المسلمين فخاف عليهن فردهن أو كن شابات ذوات جمالٍ فخاف فتنتهن.

[باب من له عذر بالضعف والضرر والزمانة]

قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى}] التوبة: ٩١] الآية ذكر الشافعي رضي الله عنه آيتين: إحداهما: هذه. والثانية: قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ}] النور: ٦١] الآية فقيل: هذه الآية وردت في الجهاد دون غيره من الفرائض والأحكام، وقيل: إن ذلك في الجهاد وفي المواكلة فإنهما كانا [١٧٢/ ب] يحضران للضيافة خوفًا أن يأخذ الأعمى ما بين يدي صاحبه، وروي أن أعرابيًا واكل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ((كل مما يليك ولا تأكل من ذروة الطعام فإن البركة تنزل في أعلاه)) ثم أتى بالرطب فقال: ((كل من حيث شئت فإنه غير لونٍ)) وكان الأعرج يقول: آخذ مكان اثنتين فيؤذي جليسي وكان المريض يتحرج عن الحضور مخافة أن يُعاف. والجهاد أشبه به، وقيل: قول الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ}] النور: ٦١] نزل في موضعين في سورة الفتح وهو في القتال وفي سورة النور وهو في رفع الجناح في المواكلة فإذا تقرر هذا ذكر الشافعي رضي الله عنه في الباب الأول من لا جهاد عليه لنقصه، وذكر هنا من لا جهاد عليه لضعفه ونقصان حاله فلا جهاد على الأعمى للآية ولأن القصد منه القتال ولا يتأتى منه ذلك كاملاً.

وأما الأعور فيلزمه فرض الجهاد لأنه كالصحيح في تمكنه من القتال، وكذلك الأعشى الذي يبصر بالنهار دون الليل ولو كان ضعيف البصر يرى الأشخاص، وإن لم يعرف صورها ويمكنه أن يتقي أخفى السلاح وهي السهام لزمه الجهاد، وإن كان بخلاف هذا لا يلزمه الجهاد ويلزم الأصم لأن معتبر البصر دون السمع، وأما الأعرج فضربان مقعد لا يطيق المشي ولا الركوب فلا يلزمه الجهاد [١٧٣/أ] لما ذكرنا، وإن لم يكن مقعداً ولكنه بيّن العرج لا يلزمه ذلك أيضًا والمراد بالأعرج في الآية الأعرج بالرجل الواحدة وعند أبي حنيفة المراد به المقعد ويلزم الجهاد على غيره، وإن كان عرجًا خفيًا يطيق معه العدو والقتال يلزمه ذلك ولو كان يقدر على الركوب والمشي

<<  <  ج: ص:  >  >>