قضى بيمين الحالف على الناكل، وإن حلفا معًا تعارضت اليمينان وسقطتا، وأوجبنا أقل الحقين اعتبارًا باليقين.
فصل:
وإذا خلق لرجل ذكراه، فإن كان يبول من أحدهما، ولا يبول من الآخر، فالذكر هو الذي يبول منه، وفيه القود أو الدية، ولا قود في الآخر، وفيه حكومة.
وإن كان يبول منهما فأكثرهما بولًا وأقواهما خروجًا هو الذكر، وفيه القود أو الدية، وفي الآخر حكومة، فإن استويا في البول فالذي ينشر منهما وينقبض هو الذكر، وإن كانا في الانتشار والانقباض سواء، فالثابت في محل الذكر المنفرد هو الذكر والمنحرف زائد، فإن استويا في محل الذكر، ولم يتميز أحدهما عن الآخر بوصف زائد فهما جميعًا ذكر زائد لا يجب في واحد منهما قود، وفيه نصف الدية، وزيادة حكومة، لأنه أزيد من نصف ذكر، فإن قطعا معًا وجب فيهما القود، وزيادة حكومة في الزيادة كالكفين على ذراع.
[باب الخيار في القصاص]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله:"أخبرنا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئبٍ، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري، عن أبي شريح الكعبي، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثم أنتم يا بني خزاعةً قد قتلتم هذا القتيل من هذيلٍ، وأنا والله عاقله، فمن قتل قتيلًا بعده فأهله بين خيرتين، إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا العقل".
قال في الحاوي: قتل العمد موجب للقود ولولي المقتول أن يعفو عنه إلى الدية، ولا يفتقر إلى مراضاة القاتل.
وقال أبو حنيفة ومالك: قتل العمد موجب للقود وحده ولا تجب له الدية إلا بمراضاة القاتل استدلالًا بقوله تعالى: {وكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة:٤٥] وهذا نص في أن لا يجب في النفس غير النفس.
وقال تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ}[البقرة:١٧٨] وفي الزيادة على القصاص إيجاب ما لم يجز العدول إلى غيره من الأبدال إلا عن مراضاة.
ولأن القتل موجب للقود في عمده والدية في خطئه، فلما لم يجز العدول عن الدية في الخطأ إلى غيرها إلا عن مراضاة لم يجب أن يعدل عن القود إلى غيره إلا عن مراضاة.
ولأن القتل يستحق بالقود تارة، وبالدفع عن النفس أخرى، فلما لم يملك بدل قتله