للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع

إذا قلنا بقوله القديم: فلم يبعث الإمام الساعي أو لم يقدر على الإمام يجب على رب المال أن يفرقها بنفسه وهو المذهب، لأنه حق الفقراء والإمام نائبهم [٩٣ أ/٤] فإذا ترك النائب قبض الحق لا يجوز أن يترك أداءه، ومن أصحابنا من قال: أنه يتوقف حتى يطالبه الإمام لأنه مال حق القبض فيه إلى الإمام فإذا لم يطلبه الإمام لم يفرق هو كالخراج.

فرع

إذا علم الإمام أنه لا يؤدي الزكاة فقاتل فقتل إنما يقاتل لأن الزكوات كلها كانت تحمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن عثمان فرض إلى أرباب الأموال باجتهاده فإذا ظهر منهم التقصير كانت له المطالبة، وقيل: لأن الزكاة حق الله تعالى وهو نائب الله تعالى ويتفرع على هذا أنه لو كان عليه كفارة أو منذور فامتنع من الأداء هل يطالبه الإمام وجهان مبنيان على هاتين العلتين.

[باب ما يسقط الصدقة عن الماشية]

قال: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: "في سائمةِ الغنمِ زَكَاةٌ" (١).

وهذا كما قال: السائمة هي الراعية وسميت سائمة لأنها تسوم أي: ترعى فكل ماشية يجب الزكاة فيها لا تجب إلا إذا كانت سائمة للذر والنسل فإن كانت للعمل كالنواضح ونقل المتاع من بلد إلى بلد فلا زكاة فيها، كما يجب في السائمة، وقال داود في معلوفة الغنم لا يلزم الزكاة، وفي معلوفة الإبل والبقر يجب الزكاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم [٩٣ ب/٤] خص الغنم وهذا غلط، لما ذكر الشافعي من الخبر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في سائمة الغنم زكاة" فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة وهذا استدلال منه بمفهوم الخطاب واحتج بالأثر فقال: روي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه ليس في البقر والإبل العوامل صدقة" (٢)، ومن أصحابنا بخراسان من قال: أراد به إذا كانت العوامل معلوفة فإن كانت سائمة يلزم فيها الزكاة لأن منفعتها أكثر فكانت أولى بوجوب الزكاة فيها وهذا خلاف ظاهر نص الشافعي، لأنه قال: فإن كانت معلوفة أو مستعملة فلا زكاة فيها، فأفردهما وهو قول أهل العراق أجمع ودليل ذلك أن نماء الرعي للذر والنسل لا يتم إذا كانت مستعملة، وإن لم تكن معلوفة فلا زكاة ثم أن المزني فصل بهذا الأثر قوله: حتى تكون سائمة فوهم أنه ن جملة الأثر وليس كذلك بل هو من كلام الشافعي وهو أنه ذكر هذا الأثر في البقر والإبل عطف عليه فقال: وكذلك الغنم لا صدقة فيها حتى تكون سائمة فأخل المزني بالاختصار كما بيناه، ثم بين


(١) أخرجه البخاري (٣/ ٣٧٢)، وأبو داود (٢/ ٩٧).
(٢) أخرجه الدارقطني (٢/ ١٠٣) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>