للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعجيلها فيما كان حنثه محظورًا على وجهين. فأما تعجيل جزاء الصيد قبل إحرامه وقبل قتله وجرحه فلا يجوز وجهًا واحدًا وإن اختلفوا في تعليله، فعند أبي علي بن أبي هريرةً أن علةَ المنع أن الجزاء متعلق بثلاثةَ أشياء بالإحرام والجراح والموت، فلم يجز تعجيله بمد أحدها وبقاء أكثرها، وعند من راعى الحظر والإباحةَ علل بأن تقديم الجزاء موجب لاستباحةُ محظور، فلم يجز فإن حل له قتل الصيد لضرورةً إليه، قال صاحب هذا التعليل وحكاه عنه أبو إسحاق المروري: يجوز له تعجيل جزائه بعد إحرامه وقبل قتله، وعند جمهور أصحابنا علة المنع آن الإحرام غير مقصود لقتل الصيد فلم يكن سببًا لوجوب الجزاء، فأما تعجيل الجزاء بعد الجراح وقبل الموت فجائز باتفاقهم وإن وهم فيه أبو حامد الإسفراييني فخرجه على وجهين؟ لأنه ليس يستبيح بالجزاء بعد الجزاء محظورًا، لأن موت الصيد حادث عن الجرح المتقدم قبل تكفيره، والله أعلم.

[باب من حلف بطلاق امرأته أن يتزوج عليها]

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وَمِنْ قَالَ لامرأته أَنْتِ طَالِقَ إِنَّ تَزَوَّجَتْ عَلَيكِ فَطِلْقَهَا واحدَةً تَمَلُّكَ الرُّجُعَةِ ثَمَّ تَزَوُّجَ عَلَيهَا فِي الْعُدَّةِ طَلَّقَتْ بِالْحِنْثِ وان كَانَتْ بَائِنَا لَمْ يُحْنَثْ".

قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا قال: إن تزوجت عليك فأنت طالق ثم تزوج عليها لم يخل تزويجه من ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يتزوج عليها وهي باقيةً على نكاحه، فقد طلقت سواء قرب زمان تزويجه أو بعد؟ لأنه قد جعله شرطًا في وقوع الحنث فاستوي حكمه في القرب والبعد، ولا فرق بين أن يتزوج عليها من يكافئها في نسبها وجمالها، أو تقدم عنها في النسب والجمال، ووافقنا مالك على هذا، وإن خالفنا إذا حلف، ليتزوجن عليها، على ما نذكر وان تزوج عليها بعقد فاسد لم يحنث، لأن فساد العقد يمنع من صحةَ الشرط، وسواء دخل بها أو لم يدخل ويجيء على قول مالك أنه يحنث إن دخل بها، ولا يحنث إن لم يدخل بها، على معنى قوله: إذا نكح الوليان ودخل الثاني صح عقده.

والثانية: أن يتزوج عليها وقد طلقها طلاقًا رجعيًا، فلا يخلو حالها فيه من آن تكون باقيةً في العدةً أو خارجةً عنها، فإن كانت باقيةً في عدتها طلقت بالحنث أخرى لأنها لما طلقت في العدةً إذا باشرها بالطلاق بالحنث في الطلاق ألا ترى أنه لو حلف بعتق عبده، إن باعه فباعه عتق عليه بعد بيعه، لأنه لو باشر عتقه في خيار المجلس عتق، كذلك إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>