للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزكاة لا يكون حكمه حكم الأم فإن قيل: أليس في الولد الخارج من بين الوحش والأهلي يلزم الجزاء إذا قتله المحرم تغليبًا للإيجاب فما الفرق؟ قيل: لأن في الزكاة مغلب الإسقاط, ألا ترى أنه لو اجتمع السوم والعلف في المواشي أو الملك وعد الملم في بعض السنة غلب إسقاط الزكاة وفي الجزاء إذا اجتمع ما يوجب ويسقط فغلب الإيجاب, ألا ترى أن الصيد الواقف بين الحل والحرم إذا قتله قاتل فإنه يلزمه الجزاء بقتله وعلى ما ذكرنا لا يجوز أن يضحي بالرقلة ولا يجوز للمحرم أن يزكيه نص عليه في الأم, وأما المتولد بين السائمة والمعلوفة إذا كانت سائمة يلزم الزكاة فيها بلا إشكال.

[باب صدقة الخلطاء]

قال الشافعي رحمه الله: جاء الحديث "لا يجمع بين مفترق" الخبر. وهذا كما قال: أعلم أن الخلطاء جمع [٥٥ ب/٤] خليط والخليط والمختلط وقد يقع هذا الاسم على الشركة لأنها حقيقة الخلطة وهي اختلاط الملكين أو الأملاك بحيث لا يتميز إلا بالقسمة وقد يقع هذا الاسم على خلطة المجاورة وهي اجتماع ماشية الاثنين والثلاثة في موضع واحد, ومرافقهما واحدة والأصل في معرفة حكم الخلطاء في الزكاة ما صدر به الشافعي هذا الباب فقال: جاء الحديث "لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" (١)، وروي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فيه زيادة وهي أنه قال: "والخليطان ما اجتمعا في الفحل والراعي والحوض", فإذا تقرر هذا فإذا كان بين رجلين نصاب من الماشية إذا كثر إما خلطة الملك أو خلطة المجاورة, فإنهما يزكيان زكاة المال الواحد سواء اختلف نصيبهما في الكثرة والقلة أو استويا وبه قال عطاء والاوزاعي والليث بن سعد وأحمد وإسحاق, وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري: لا تؤثر الخلطة في الزكاة بحال وحكمها حكم المنفرد ووافقنا أن خلطة الأعيان تؤثر في جواز الأخذ حتى يأخذ الساعي الزكاة الواجبة في المال من الوسط ثم يرجع صاحب الأقل على صاحب الأكثر بالزيادة [٥٦ أ/٤] وقال مالك: إن كان كل واحد منهما يملك نصابًا كاملاً زكيًا زكاة الانفراد, وإن كان كل واحد منهما يملك دون النصاب لا تؤثر الخلطة كما قال أبو حنيفة.

مسألة: قال: والذي لا أشك فيه أن الشريكين ما لم يقتسما الماشية خليطان.

الفصل

وهذا كما قال: هذا هو إشارة إلى ما ذكرنا أن حقيقة الخلطة إنما هي الشركة وتسمى هذه خلطة الأعيان ثم بين بعد ذلك أن الخلطة من جهة المجاورة تدخل تحت


(١) أخرجه البخاري (٢/ ١٤٥) , وأبو داود (١٥٧١) , وابن ماجه (١٨٠٥) , وابن أبي شيبة (٣/ ١٢١) , وعبد الرزاق (٦٨٠٤) , والبيهقي في "الكبرى" (٧٣٠٥, ٧٣٢٩) , والدارقطني (٢/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>