للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

وهذا كما قال: إذا غل صدقته بأن [٥٤ أ/٤] يكتم المال الظاهر من الساعي ثم علم الساعي بغلوله فإن كان الساعي والإمام عارفين يسألانه عن غلوله وتغيب ماله عنه, فإن قال: لم أعلم وكان عندي أن ذلك جائز نظر في حاله فإن كان قريب العهد بالإسلام أو نشأ في بادية نائية عن المسلمين فإنه يعذر فيما يدعيه من الجهل ويعرف وجوب الزكاة ووجوب دفعها إلى الأمام عند المطالبة, وإن كان بعيد العهد بالإسلام وقد نشأ بين المسلمين فلا يقبل منه ذلك ويعزره على الغلول, وكذلك إن قال: تعمدت ذلك ولم يذكر عذرًا يعزر ويأخذ صدقته ولا يأخذ شطر ماله وقد قال الشافعي في "القديم": إن صح حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قلب به ولكن بهز بن حكيم ضعيف ولفظ الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا من منع فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا ليس لآل محمد فيها شيء" (١) فقيل فيه قولان, والصحيح أنه على قول واحد لقوله صلى الله عليه وسلم"ليس في المال حق سوى الزكاة" ولأنها عبادة فلا تجب بالامتناع منها أخذ شطر ماله كسائر العبادات وبظاهر هذا الخبر قال مالك وأحمد: وأما عندنا فإن [٥٤ ب/٤] هذا الخبر منسوخ إن صح, وكان ذلك حين كانت العقوبات في المال ونسخ ذلك وكيف يقال هذا ولو دفع ثم سرق لم يغرم شطر ماله, فإذا منع أولى وإن كان الإمام فاسقًا لا يعزر قولاً واحدًا, لأن له شبهة في الغلول بأن تقول: أردت أن أقسم بنفسي فأوصل إلى المستحقين في علمي ولو أخذ الفاسق زكاته قال بعض أصحابنا: سقط عنه الفرض لأن الشافعي نص فقال: وإذا غلبت الخوارج على بلد وأخذوا صدقات أهلها سقط فرضها عنهم, ومن أصحابنا من قال: إذا جار الإمام وفسق خرج من الإمامة ولا يجيء على أصل الشافعي غير هذا, وإنما ذاك قول أحمد وعامة أصحاب الحديث, ذكره القاضي أبو علب البندنيجي وجماعة وهذا أقيس ولكن الأول أصح.

مسألة: قال (٢): ولو ضُرِبَتْ غَنَمُهُ فحُوِّلَ الظِّباء لم يكنْ حُكْمُ أولادِهَا حُكْم الغَنَم.

وهذا كما قال الأولاد المتولدة من بين الظباء والغنم لا زكاة فيها سواء كانت الأمهات من الغنم والفحل من الظباء ويسمى هذا المتولد رقلة ًوجمعها رقال: وقال مالك وأبو حنيفة: إن كانت الأمهات من الغنم حكمها حكم الغنم في جميع الأحكام وإلا فلا, وقال أحمد: يجب بك حال, وإن كانت الأمهات من [٥٥ أ/٤] الظباء, وقال في رواية: يجب في بقر الوحش لأنه يسمى بقرًا وهذا لا يصح لأنه يقيد فيقال بقر الوحش, واحتج الشافعي عليه بسهم فقال: لا يكون للبغل سهم من الغنيمة وإن كان متولدًا من خيل والحمار ولم يعتبر الأم في الاستحقاق السهم فكذلك في


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢,٤) , وأبو داود (١٥٧٥) , والنسائي (٢٤٤٤) , والبيهقي في "الكبرى" (٧٣٢٨) , وفي "معرفة السنن" (٢٢٥٤) , والحاكم (٤/ ٣٩٨).
(٢) انظر الأم (١/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>