إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن الذي عقد به البيع فقال البائع: بعت بألفين وقال المشتري: بل بألف يتحالفان [ق ٧ ب] ويفسخ العقد، ولا فرق بين أن تكون السلعة قائمة أو تالفة وبه قال محمد، وأحمد في رواية، وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: إن كانت السلعة قائمة يتحالفان، وإن كانت تالفة فالقول قول المشتري مع يمينه ولا يتحالفان، وهي الرواية الأخرى عن أحمد. وعن مالك ثلاث روايات:
إحداها: مثل قولنا.
والثانية: قول أبي حنيفة.
والثالثة: إن كان قبل القبض يتحالفان، وإن كان بعض القبض، فالقول قول المشتري وذكر في "الحاوي" رواية عنه أن القول قول من الشيء في يده، لأن اليد تدل على الملك.
وقال زفر، وأبو ثور وداود: القول قول المشتري بكل حالٍ؛ لأن الأصل براءة الذمة واحتج الشافعي- رحمه الله- بما روى ابن مسعود- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا اختلف المتبايعان فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار. وفي ظاهر هذا اللفظ إشكال؛ لأن الإجماع من الجمهور منعقد على التحالف في حال قيام السلعة وليس في ظاهر هذا اللفظ أمر بالتحالف ولكنه قال: فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار. وإزالة هذا الإشكال أن يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين من الحكم ما هو {ق ٨ أ) أقرب إلى الإشكال والوهم، وأعرض عن بيان الواضح. ومعلوم أن البائع إذا ادعى على المشتري زيادة الثمن فلا يكاد يشكل أن القول قول المشتري في نفي تلك الزيادة، وإنما يشكل جانب البائع في هذه المسألة فعمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محل الإشكال وأوضحه بقوله:"فالقول قول البائع" وقد علم بالإجماع الذي لا يخفي معناه أن القول قول المشتري فتوجه اليمين على كل واحد منهما، وإن كانت إحدى اليمينين بظاهر الخبر واليمين الأخرى بالإجماع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر، وهو ما رواه مالك أنه بلغه عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أنه كان يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أيما بيعين تبايعا فالقول قول البائع أو يترادان" ومعنى هذا الحديث مثل معنى الحديث الأول وليس في هذا الحديث ذكر الاختلاف ومعناه الاختلاف ولكنه ضرب عن الإيجاز والاختصار، وإنما قوله في الحديث