إذا صام عن كفارته ثم بان أن موروثًا له مات؛ وورث منه رقبة ولم يعلم؛ اعتد بصومه ولم يلزمه العتق، ولو نسى الرقبة في ملكه فصام لا يجوز صومه للفرق بين الجاهل والناسي، هكذا ذكره بعض أصحابنا، ويحتمل أن يقال: لا يجوز فيهما.
[باب الكفارة بالإطعام]
مسألة: قال: فيمَن تظاهرَ ولمْ يجدْ رقبةً ولمْ يستطعَ حينَ يريدُ على الكفارةِ صومَ شهرينِ بمرضِ أو علةٍ ما كانتْ، أجزأهُ أن يطعمَ".
الفصل
إذا لم يجد الرقبة ولم يستطع الصوم لمرض أو علة أجزأه أن يطعم، قال أصحابنا: عدم الاستطاعة هاهنا أن يلحقه من الصوم مشقة غليظة أو زيادة في مرضه، وقال الداركي: سئل أبو إسحاق عن من كان به شبق مفرط لا يقدر على الصوم، هل يجوز له أن يطعم ويترك الصوم؟ فقال: نعم؛ لأن المشقة تلحقه بذلك، ولأن الأعرابي لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهل أتيت إلا من الصوم [١٦٧/ أ] أي: لا أصبر عن النساء حيث قال له صم شهرين متتابعين عن الكفارة جوز له الإطعام فدل على ذلك.
مسألة: قال: "ولا يجزيهِ أقلَّ منْ ستينَ مسكينًا".
يلزمه أن يطعم ستين مسكينًا كل مسكين مدًا، فإن صرف مدين إلى مسكين واحد؛ لا يجوز بحال، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: إن صرفه إليه في يوم واحد لم يجز، وإن صرفه إليه في يومين جاز، وعلى هذا لو صرف طعام ستين مسكينًا إلى مسكين واحد في ستين يومًا جاز، وربما يقولون: لو صرف كلها إلى مسكين واحد في يوم واحد في ستين مرة يجوز، وهذا غلط لقوله تعالى:{فَإطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}[المجادلة: ٤]. فنص على العدد والصفة وهي المسكنة. ثم لا يجوز الإخلال بالصفة فلا يجوز الإخلال بالعدد ولأن تقديره فعليه أن يطعم ستين مسكينًا وهذا يمنع الاقتصار على دون الستين ولأنه مسكين استوفي حقه من هذه الكفارة فلا يجوز أن يدفع إليه ثانيًا منها كما في اليوم الأول.
وأما قوله: كل مسكين مدًا من طعام بلده الذي يقتات به قصد به الرد على أبي حنيفة فإنه عندما يلزم في جميع الكفارات صرف مد إلى كل مسكين بمد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو رطل وثلاث، وهذا على التقريب لأنه لا اعتبار فيه الوزن بل بالاعتبار به بالكيل، ولا يختلف ذلك باختلاف الأقوات برًا كان أو شعيرًا، أو زبيبًا، أو تمرًا، أو ذرة، وغير ذلك. ولا يختلف باختلاف الكفارات إلا في فدية الأذى، يلزمه لكل مسكين مدين، وبه قال الأوزاعي. وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وزيد بن ثابت، وأبي