إذا قال لعبده: أنت حر الساعة عن ظهاري إن تظهرت كان حرًا الساعة، ولا تتعلق بالشرط لأنه نجز في الحال فلا يملك تعليقه بالشرط الذي يتأخر. وهكذا قال: أنت حر الساعة [١٦٦/ أ] إن دخلت الدار عتق في الحال. قال الشافعي: ولم يجزه عن ظهاره إن تظهر لأنه لم يكن ظهار ولا سبب منه يريد أنه قدم على السببين جميعًا، وحق المال لا يجوز تقدمه على جميع أسباب الوجوب. ولو قال له: أنت حر عن ظهاري إن تظهرت، ولم يقل الساعة لم يعتق في الحال، وتعلق بالشرط فإن تظهر منها وقع العتق ولا يجزيه عن ظهاره لأن التحرير سابق الظهار وذلك يمنع جوازه عن الظهار على ما ذكرنا في كتاب "الإيلاء". ومن أصحابنا من قال: فيه وجهان؛ أحدهما: هذا، والثاني: يجزيه عن الظهار لأنه لو أوقعه بنية الكفارة وعتق بعد وجود الظهار.
فرع آخر
لو ظاهر منها ثم طلقها عقيبه ثم أعتق عن الظهار ثم راجعها كانت الرجعة عودًا وكان التحرير بعد الظهار وقبل العود فهل يجزيه عن الظهار؟ المذهب أنه يجوز لأنه وجد أحد سببي الكفارة وقدمها على أحد السببين كما تجوز كفارة اليمين بالمال بعد اليمين الحنث، وقال بعض أصحابنا: فيه وجهان؛ أحدهما: ما ذكرنا، والثاني لا يجوز ذلك لأنه استباحة محظور فلا يجوز فيه تقديم الكفارة، كما لو كان الحنث في اليمين معصية لا يجوز تقديم الكفارة في اليمين وهذا لا يصح، لأن التكفير هاهنا يستبيح الوطئ المحظور وفي اليمين إذا كفر لا يستبيح حنث المعصية فافترقا.
فرع آخر
قال ابن الحداد: لو قال: إذا دخلت الدار فأنت عليَّ كظهر أمي، ثم أعتق عبدًا عن ظهاره قبل دخول الدار أجزأه العتق لأن لفظ الظهار وإيقاعه قد وجد منه وهو السبب في الظهار، فقد حصلت الكفارة بعد وجود سببها، وقال سائر أصحابنا لا يجوز لأنه ليس بمظاهر فلم يوجد أحد سببي الكفارة فلا يصح [١٦٦/ ب] التكفير ولا اعتبار بما ذكره من لفظ الظهار وإنما الاعتبار بكونه مظاهرًأ ولم تحصل. وقال صاحب "المنهاج": لفظ الشافعي دليل على الوجه الأول لأنه قال: ولم يجزه أن تظهر لأنه لم يكن ظهار ولا سبب منه ممن هو منه أنه لو كان منه سبب يجوز وتعلق ظهارها بدخول الدار سبب من أسباب الظهار وهذا ضعيف لما ذكرنا.
فرع آخر
لو ظاهر وأعتق عقبيه عن الظهار بأن قال: أنت عليَّ كظهر أمي، وعبدي هذا حر عن ظهاري فيه وجهان؛ لأن حروف العتق وهو قوله غلامي هذا حر، أقل من حروف قوله: أنت طالق فيكون العتق بين الظهار والعود والصحيح جوازه على ما ذكرنا.