يبرئه من الباقي لم يجز، وإن أخذ خمسمائة، وأبرأه من الباقي من غير شرط جاز وبرئ، وقيل: أشار المزني إلى قولين، وهو غلط منه وهذا لا يصح لأن المزني لم يعتقد إلا ما ذكرنا من غير إشكال.
فرع آخر
لو قال لمكاتبه إن أعطيتني دينارًا، فأنت حر، فأعطاه دينارًا أعتق بدفعه ويغلب حكم الكتابة به فصار العتق فيها على عوض فاسد فيلزم المكاتب فيها قيمته ويرجع بما أداه من قبل مع الدينار الذي عتق به من العبد ويتقاصان مع اتفاق الجنسين ويتراجعان الفضل إن كان فيه وهذا لا يصح لأنه لا تصح المعاوضة على المكاتب.
[باب بيع المكاتب وشرائه]
مسألة: قال: «وبيع المكاتب وشراؤه في الشفعة له وعليه فيما بينه وبين سيده والأجنبي سواء».
جملة هذا أن المكاتب يصح بيعه وشراؤه من سيده وغيره لأن المقصود من الكتابة حصول العتق، [١١٢/ أ] وإنما يحصل العتق بالأداء والتصرف فوجب أن يمكن من ذلك ليحصل له المال فيؤديه به ويعتق فإن شقص في شركته جاز له أخذه بالشفعة لأنه قد يكون له حظ في ذلك فوجب تمكينه من ذلك وله أن يأخذه من سيده بالشفعة ويأخذ السيد منه بالشفعة لأن السيد ممنوع من التصرف في المال الذي في يده كما هو ممنوع من التصرف في مال الأجنبي، وقال أبو إسحاق في علته: لأن المكاتب مالك لما في يده دون سيده غير أنه ممنوع من إتلاف ما في يده خوفًا من عجزه، وإلا فلا ملك للسيد في ذلك ما دام مكاتبًا وقد يمنع الإنسان أن يتلف ملكه أو يفسده فلا يكون ذلك دليلاً على أن لا ملك له فكذلك المكاتب وإن كان ملكه ناقصًا، فهو المالك والمتصرف ولو كان السيد هو المالك لتصرف هو فيه، وقام بتنميته دون المكاتب فلما كان التصرف إلى المكاتب علم أنه هو المالك ولكن لم يكمل ملكه فلم يكمل تصرفه، وعلى هذا لو كاتبت امرأة عبدها فوطئها بشبهة استحقت عليه مهر المثل، وإن كانا عالمين حدا فإنه لا شبهة بينها وبين عبدها فكيف بينها وبين مكاتبها، وقد قال الشافعي في «القديم»: يملك المكاتب ما في يده.
مسألة: قال: إلا أن المكاتب ممنوع من استهلاك ماله، وأن يبيع بما لا يتغابن الناس بمثله.
جملة هذا أن المكاتب لا يهب ماله ولا يبيعه بالمحاباة ولا يقرض بغير إذن السيد؟ لأنه ممنوع من هذه الأشياء قبل عقد الكتابة وإنما استفاد بالكتابة التصرف الذي فيه خطه ويتوصل به إلى تحصيل المقصود من العتق وهذه الأمور إتلاف للمال لا حظ له