فيها فيمنع منها كما منع منها قبل عقد الكتابة، [١١٢/ ب] وإنما استفاد بالكتابة التصرف ولا فرق في الهبة بين أن يكون على مكافأة أو غير مكافأة لأنه لاحظ له في ذلك، لأن أكثر ما يجب من المكافأة على قول من يجبر ذلك قيمة الشيء الموهوب ويحتاج إلى تسليمه أو لا يطالبه بذلك، فلا حظ له فيها، وقوله: إنه ممنوع من استهلاك طلبه أراد بما ذكر من المحاباة أو الهبة، ولم يرد به الإتلاف المحض لأن سائر الناس ممنوعون من ذلك أيضًا، وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: للمكاتب والمأذون أن يبيعها ما عز وهان من الثمن كالوكيل المطلق بالبيع وكلامنا ههنا أظهر لأن هناك لفظًا عامًا وهو قوله «بيع» ولم يوجد ذلك هاهنا كالولي في مال الصبي، فإن فعل شيئا مما ذكرنا بإذن سيده نص في «الأم» ونقله المزني: أنه يجوز، وقال الربيع: فيه قول آخر لا يجوز، ونص في الخلع على المكاتبة إذا اختلعت بإذن السيد على مال بذلته لم يجز، والخلع قريب من الهبة، فإنه إخراج المال بغير عوض، واختلف أصحابنا في المسألة على طريقين: أحدهما: أنه ينقل جواب كل واحد من المسألتين ويخرج كلاهما على قولين: أحدهما، ولا يجوز، وبه قال أبو حنيفة، لأن هذا المال غير مملوك لسيد المكاتب، وملك المكاتب عليه ناقص، فإذا وهبه أحدهما وأجازه الآخر لم يجز كما لو زوج الأخ أخته الصغيرة بإذنها لم يجز لأن ولايته عليها ناقصة، ولهذا لو أذن له السيد في وطئ جاريته، لم يجز له وطئها، والثاني، وهو الأصح يجوز لأن المال لم يخرج من بينهما كالشريكين، في المال إذا وهب أحدهما بأن صاحبه جاز، ومن أصحابنا من حمل المسألتين على ظاهرهما، وهي الطريقة الثانية، فقال:[١١٣/ أ] الهبة تجوز بإذن السيد والخلع لا يجوز، والفرق أن بالهبة يحصل الثواب، إما من جهة الله تعالى أو من جهة الآدمي بالمكافأة، ولا يحصل لها بالخلع في مقابلة المال الذي يخرجه من يدها عوض بحال، فلا يصح ولهذا يندب إلى الهبة دون الخلع. وهذا ليس بشيء والاعتماد على الطريقة الأولى.
فرع
لو وهب المكاتب لسيده شيئا فقبله فهما كإذنه فيها فيكون على قولين ونص في «الأم»: أنه يجوز، فإذا قلنا: يصح، فإن قلنا: تجب المكافأة في الهبة المطلقة يجب على السيد أن يكافئه فيدفعه إلى مكاتبه أو يحتسب بها من مال كتابته، وإن قلنا: لا تجب المكافأة وروعي حال المكاتب، فإن أدى مال كتابته من غيره استقر ملك السيد على الهبة، وإن عجز وكان في الهبة وفاءً بما عليه ففي رجوع المكاتب بها ليؤديها في كتابته فيعتق به وجهان: أحدهما: لا يرجع كالهبة للأجنبي، والثاني: يرجع لأن مال الكتابة مستحق للسيد في كتابته فبأي وجه صار إليه استحق به العتق، ولو وهب لولد سيده، فإن كان صغيرًا فالسيد قابلها، فيصير قبوله لها كإذنه فيها، فيكون على قولين،