فإن قيل بوجوب أحدهما لا بعينه لم يجز العتق لأنه لم يتعين في الوجوب، وإن قيل: إنه موجب لجميعها وله إسقاط وجوبها بإخراج أحدها أجزأ، وإن وصى بالتكفير عنه، فإن لم يتعين مما يكفر به كان كمن لم يوص فيما يكفر به عنه، فيكون على ما مضى، وتكون الوصية إذكارًا أو توكيدًا، وإن عين ما يكفر به عنه لم يخل ما عينه من أحد ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يعين الإطعام الذي هو أقل فيكفر عنه بالإطعام ويكون من رأس المال إلا أن يجعله في الثلث فيصير بالوصية من الثلث.
والثانية: أن يوصى بالكسوة وهو فوق الإطعام ودون العتق، فيكون ما زاد على قيمة الإطعام من الثلث، وهل يصير قدر قيمة الإطعام بذلك من الثلث أم لا؟ على وجهين نذكرهما.
والثالثة: أن يوصى بالعتق فيكون ما زاد على قيمة الإطعام من العتق من الثلث. وفي قدر قيمة الإطعام وجهان:
أحدهما: يكون في الثلث أيضًا، فيصير جميع قيمة العتق من الثلث، فإن امتنع له الثلث أعتق عنه، وإن ضاق الثلث بطلت الوصية بالعتق، وأطعم عنه من رأس المال، ولم يجز أن يقيم قيمة الإطعام إلى ما عجز عنه الثلث من العتق ليستكمل به جميع العتق هذا هو الأظهر في مذهب الشافعي، والمعول من قول أكثر أصحابه.
والثاني: وهو محكي عن أبي العباس بن سريج وأبي إسحاق المروزي أنه يجعل في الثلث من قيمة العتق ما زاد على قيمة الإطعام، ويكون قدر قيمة الإطعام مستحقًا من رأس المال لاستحقاق إخراجه من غير وصية، فإذا ضاق الثلث عن قيمة العتق، وكان في قيمة الإطعام ما يستكمل به قيمة العتق أعتق عنه، وإن عجز عن قيمة العتق بطلت الوصية بالعتق وعدل عنه إلى الإطعام الذي هو فرضه من غير وصية ويكون من رأس ماله، لأن الثلث محل الوصايا دون الفروض والله أعلم.
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا وجبت على العبد كفارة يمين أو إظهار أو قتل لم يجزه إذا لم يملكه السيد مالًا أن يكفر إلا بالصيام؛ لأنه لا يقدر على المال وهو أسوأ حالًا من الحر المعسر الذي يصح منه تملك المال وإن ملكه السيد مالًا لم يكن له أن يكفر به إن لم يأذن له السيد في التكفير به سواء حكم له بملك المال أو لم يحكم لأنه