يسجد للسهو، فقال بعض أصحابنا: لأنه نقل ذكراً مقصوداً من محله إلى غير محله، فجعل الإتيان به في غير محله كتركه في محله. وقيل: العلة هي أن قيام الاعتدال ركن قصير، وقد طوله بالقنوت، وعلى هذا لو قنت في الركعة الأولى عامداً أو في غير الصبح عامداً، فإن قلنا: العلة عند السهو نقل الذكر لا تبطل صلاته لأن الصلاة هي محل الذكر، وإن قلنا: العلة تطويل الركن القصير تبطل صلاته ونجعل تطويل الركن القصير كزيادة ركن في الصلاة.
فَرْعٌ آخرُ
لو قنت قبل الركن عامدا لا تبطل صلاته، ولو فعله ساهياً، فإن قلنا: إن العلة نقل الذكر المقصود ويسجد، وإن قلنا: العلة تطويل الركن لا يسجد، لأن القيام ركن ممتد.
فَرْعٌ آخرُ
لو تشهد قائماً، أو قرأ القرآن في التشهد، فإن كان عمداً لا تبطل، وإن كان ناسياً، فإن قلنا: العلة في المسألة الأولى نقل الذكر ليسجد! لأنه نقل موجود وإن قلنا: العلة تطويل الركن القصير لا يسجد لأن الركن في نفسه ممتد [٤١ ب / ٣].
[باب صلاة المسافر]
مسألة: قال: وإذا سافر الرجل سفراً يكون ستة وأربعين ميلاً بالهاشمي. فله أن يقصر الصلاة.
وهذا كما قال. الأصل في جواز القصر في السفر الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب؛ فقوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ}[النساء: ١٠١] الآية. وأما السنة: فما وري أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يقصر في أسفاره حاجاً وغازياً". وأما الإجماع: فلا خلاف بين الملمين فيه. فإذا تقرر هذا، فجملة الأسفار على أربعة أضرب: سفر واجب كالسفر للحج والعمرة والجهاد والهجرة، وسفر معصية: كالسفر لقطع الطريق، وطلبه الزنا، والمعاصي، والهرب من الغريم مع القدرة، والخروج مراغما لأبويه في شيء، وسفر طاعة: كزيارة الوالدين أو أحدهما، الخروج إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى المجد! لأقصى، وسفر مباح: كتجارة أو تنزه ويستباح القصر في كلها إلا في سفر المعصية.
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه _: لا يجوز القصر إلا في السفر الواجب: لأن الواجب لا يترك إلا للواجب، وقال عطاء [٤٢ أ / ٣]. رحمه الله -: لا يجوز إلا في سفر الطاعة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقصر إلا في سبيل الخير. وقال داود: لا يجوز إلا عند الخوف لقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا}] النساء: ١٠١] فشرط الخوف وهذا غلط لما روى ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"فرض الله تعالى الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاء وفي السفر ركعتين"، وروى يعلى بن أمية