وقيل: يعلى بن منية، وقيل: أمية أبوه ومنية جدته، فنسب إلى كل واحد منهما. قال: وقلت لعمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _: أباح الله تعالى القصر في الخوف فأين القصر إذا أمن، فقال: عجبت مما عجبت، فألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:"صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته". فثبت جوازه في الأمن. وروى جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"خياركم من قصر في السفر وأفطر"، وروى ابن عمر _ رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"خيار أمتي أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله والذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا [٤٢ ب / ٣] وإذا سافروا قصروا وافطروا"، وروى عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن أبيه قال: كنت مع عمي عبد الله بن عمر في سفر فصلى ركعتين، ثم انصرف فرأى ناساً في المسجد يصلون فقال: لو كنت مصلياً معهم لأتممت، لقد صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر فما رأيته يصلي إلا ركعتين، ما يصلي معهما شيئاً حتى لقي الله"، ولقد صحبت أبا بكر في السفر "فما رأيته يصلي إلا ركعتين ما يصلي معهما شيئاً، ثم صحبت عمر في السفر ففعل هكذا ثم صحبت عثمان فما رأيته إلا هكذا، ثم قال الله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١].
وقال أبو سعيد الخدري _ رضي الله عنه _ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من المدينة فسار فرسخاً قصر الصلاة، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر في السفر في الحج وكان آمنا، ولأن الرخصة إذا تعلقت بسفر الطاعة تعلقت بالفر المباح كصلاة النافلة على الراحلة. وأما ما ذكر ابن مسعود _ رضي الله عنه _ ينتقض ممن لا يجب عليه الجهاد إذا خرج إليه يقصر بالإجماع، وأما ما قال عطاء فلا يصح لأنه لو اختص بموضع السنة [٤٣ أ / ٣] لما جاز القصر في غير الموضع الذي سار فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأنه كان يقصر الصلاة في عوده، وإن كان مباحاً وأماما، قال داود رحمه الله: قلنا ذكر الخوف لا للشرط كقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}[الإسراء: ٣١] فهذا ليس بشرط، وقال أبو حنيفة _ رحمه الله _: يجوز القصر في جميع الأسفار، وان كان سفر معصية وسيأتي الكلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى، فإذا تقرر هذا فإن عنانا لا يجوز القصر إلا في السفر الطويل، وقال داود: يجوز القصر في السفر القليل وإن كان فرسخاً لظاهر الآية، وهذا غلط لما روى ابن عباس _ رضي الله عنهما _ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يا أهل مكة لا تقصروا في أدني من أربعة برد من مكة إلى عسفان". وهذا يخص الآية، ولأن المشقة لا تلحقه في ذلك غالباً فأشبه الانتقال في البلد من محله إلى محله.