للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب عقل من لا يعرف نسبه وعقل أهل الذمة]

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه" "إذا كان الجاني نُوبيًا فلا عقل على أحدٍ من النوبة حتى يكونوا يُثبتون أنسابهم إثبات أهل الإسلام وكذلك كل رجلٍ من قبيلةٍ أعجميةٍ أو القبط أو غيره فإن لم يكن له ولاءٌ يعلم فعلى المسلمين لما بينه وبينهم من ولاية الدين وإنهم يأخذون ماله إذا مات".

قال في الحاوي: وهذا قاله الشافعي ردًا على بعض أهل العراق حيث زعم أن النوبي إذا جني عقلت عنه النوبة، وكذلك الزنجي وسائر الأجناس يعقل عنهم من حضرهم من أجناسهم لأمرين:

أحدهما: أن نسبهم واحد.

والثاني: أنهم يتناصرون بالجنس كما تتناصر العرب بالأنساب، وهذا فاسد، والجنس لا يوجب تحمل العقل إلا أن يثبتوا أنسابهم ويتحققوا من أقاربهم فيها وأباعدهم، وإنما كان كذلك لأمرين:

أحدهما: أن العقل تابع للميراث والجنس لا يوجب التوارث فكذلك لا يوجب تحمل العقل.

الثاني: قد يجمعهم اتفاق البلدان واتفاق الصنائع كما يجمعهم اتفاق الأجناس فلو جاز أن تعقل النوبة عن النوبي لجاز أن يعقل أهل مكة عن المكي وأهل البصرة عن البصري، وكذلك أهل الصنائع، وهذا مدفوع بالإجماع فوجب أن يكون الجنس مدفوعًا بالحجاج، وهكذا العجم لا يعقل بعضهم عن بعض إلا بالأنساب المعروفة وكذلك اللقيط الذي لا يعرف له نسب ولا يعقل عنه ملتقطه ولا القبيلة التي نبذ فيها والتقط منها، وهكذا لو جني رجل قرشي لا يعرف من أي قريش هو لم تعقل عنه قريش كلها حتى يعرف من أي قبيلة هو من قريش، لأن أباعد قريش إنما يعقلون عنه عند عجز أقربهم نسبًا إليه، فإذا لم يعرف أقربهم إليه للجهل بنسبه فيهم سقط تحمل عقله عنهم وصار جميع هؤلاء من لا عواقل لهم بالأنساب فيعقل عنهم جماعة المسلمين من بيت مالهم كما يكون ميراث لو مات لهم لما يجمعهم من ولاية الدين، كما يعقل عنه مواليه لما يجمعهم من ولاية الولاء.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ومن انتسب إلى نسبٍ فهو منه إلا أن تثبت بينةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>