لو ثبت التدبير وادعى الوارث رجوع السيد عنه بأن قال: رجعت أو بأن باع ثم اشترى يقبل فيه شاهد ويمين وشاهد وامرأتان لأن قصد [٣٤/ ب] الوارث منه المال ذكره بعض أصحابنا بخراسان، وعلى هذا العجز عن أداء مال الكتابة يثبت بشاهدٍ ويمين وشاهدٍ وامرأتين لأن القصد منه المال بخلاف الكتابة لا تثبت إلا برجلين، ومن أصحابنا من قال: إذا ادعى السيد الرجوع يقبل منه هذا ولا يقبل من الورثة في أحد الوجهين، لأن السيد يدعي الملك والورثة ينفون حرية حاصلة بموت السيد في الظاهر.
[باب وطئ المدبرة وحكم ولها]
مسألة: قال: «ويطأ السيد مدبرته».
الفصل
اعلم أنه إذا دبر أمته لم يحرم عليه وطئها لأنها مملوكة له ملك رقبتها ومنفعتها ويخالف الأمة الزوجة لأنه ملك منفعة الاستمتاع زوجها، فلم يجز له استباحتها ولأنه لما جاز للولي وطء أم الولد فلأن يجوز وطء المدبرة أولى لأن استحقاق أم الولد للحرية آكدة، ولا يمكن السيد إبطالها بالتصرف، ولا الرجوع عنها وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه دبر أمتين له وكان يطؤهما، فإذا وطئها وأحبلها فولدت منه، قال أصحابنا صارت أم ولده ويبطل التدبير لأنه آكد من التدبير إذا يعتبر من رأس المال، ولا يصح الرجوع عنه، فأزال الضعيف كما إذا ورد ملك اليمين على النكاح أبطله لأنه أقوى من النكاح. وقد قال الشافعي رضي الله عنه: لا فائدة في إبقاء التدبير لأنه لا يجوز أن يزول حكم الإحبال في حياة سيدها، فيكون لبقاء التدبير فائدة، ويخالف هذا إذا دبرها ثم كاتبها يبقى التدبير [٣٥/ أ] في أحد القولين لا يجوز أن يفسخ عقد الكتابة ويبقى حكم التدبير، وأيضًا فالكتابة والتدبير معناهما واحد، وهو أن كل واحد منهما تعلق عتق نصفه من جهة القول، فلم يمنع أحدهما صحة الآخر بخلاف الاستيلاد والتدبير. وقال صاحب «الحاوي» هكذا ذكر أبو حامد ولا يصح ذلك لأنه قد طرأ على التدبير ما هو أغلظ منه، وهو الإيلاد فصار داخلا فيه، وغير مبطل له كما لو طرأ الجنابة على الحدث يدخل فيها ولا يرتفع بها، وقيل: يعتق بشيئين حتى لو رجع في التدبير قولا، وجوزنا ذلك في أحد القولين، بقي الاستيلاد.
مسألة: قال: «وما ولدت من غيره ففيها واحد من قولين».