للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

اعلم أن المدبرة إذا أتت بولد من زوج أو زنا فيه قولان منصوصان: أحدهما: يتبعها في التدبير لأنها تعتق بموت سيدها فوجب أن يتبعها ولدها في حكمها كأم الولد، ولأن ولد كل ذات رحم بمنزلتها فولد الحرة حر وولد المملوكة مملوك فكذلك ولد المدبرة مدبر، وبهذا قال عمر وعثمان وابن مسعود وابن عمر وجابر رضي الله عنهم وهو مذهب مالكٍ وأبي حنيفة والثوري وأحمد وإسحاق، ولفظ جابر ما أرى ولد المدبرة إلا بمنزلة أمهم، ولفظ ابن عمر ولد المدبرة بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها، والثاني: لا يتبعها بل يكون مملوكًا للسيد وبه قال زيد بن ثابت وأبو الشعثاء جابر بن زيد من التابعين وعطاء وهو اختيار المزني، ولفظ زيد بن ثابت حين جاء رجل إليه، وقال: ابنة عم لي أعتقت جاريتها عن دبر ولا مال لها غيرها، [٣٥/ ب] قال: لتأخذ من رحمها ما دامت حية. وروى أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول في أولاد المدبرة: أنهم عبيد إلا أن تكون حبلى يوم دبرت، أورده الإمام البيهقي ووجهه أن التدبير عقد يدخله الفسخ فلم يسر حكمه إلى الولد كالرهن والوصية. واختلف أصحابنا في هذين القولين، فمنهم من قال: هما مبنيان على القولين في التدبير أنه وصية يصح الرجوع عنه أو لا، فإن قلنا: وصية لا يتبعها وإن قلنا عتق بصفة وليس بوصية يتبعها وهذه طريقة المزني، ومن أصحابنا من قال: سواء قلنا إنه وصية لو عتق بصفة فيه قولان، وهذا اختيار أبي إسحاق لأن الشافعي نص على أن ولد المعتقة بالصفة هل يتبعها قولان. ذكره القاضي الطبري، فلو كان مبنيًا على القولين لوجب أن يكون في ولد المعتقة بالصفة قول واحد أن الولد يتبعها، ولا يعني بهذا أن الولد يتبعها في الصفة حتى إذا أدخل الولد الدار وكان العتق معلقًا بدخول الدار يعتق الولد ولكن أردنا به أن الولد يعتق بدخول الأم الدار في أحد القولين، ولأن التدبير يفارق الوصايا لأنه يتضمن العتق المبني على التطيب والسراية. قال بعض أصحابنا بخراسان: هذا مرتب على التدبير، فإن قلنا: لا يتبع الولد المدبرة في التدبير ففي المعلق عتقها بصفة أولى، وإن قلنا: هناك يتبع فههنا قولان، وقيل: هذا في صفة لا توجد لا محال، فإما في صفة قد تكون مثل قدوم فلان لا يتبع الولد الأم قولا واحدًا وهذا ضعيف [٣٦/ أ].

قال القفال: والصحيح من المذهب أنه لا يتبعها بخلاف التدبير، والفرق أن المدبرة أشبهت أم الولد لأن عتقها معلق بموت السيد كأم الولد سواء، فإن قلنا: الولد يتبعها

<<  <  ج: ص:  >  >>