للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت ما دعاني إلى نكاحها؛ ولأنه إن كان النظر مباحًا لم يفتقر إلى إذن، وإن كان محظورًا لا يستبح بالإذن.

فصل:

فإذا تقرر ما ذكرنا لم يخل نظر الرجل الأجنبي إلى المرأة الأجنبية من احد الأمرين: إما أن يكون لسبب أو لغير سبب، فإن كان من غير سبب منع لقوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: ٣٠] ومنعت من النظر إليه لقوله تعالى: {وقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ} [النور: ٣١]؛ وأن نظر كل واحد منهما إلى صاحبه داعية إلى الافتنان به، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صدق وجه الفضل بن العباس وكان رديفه بمنى إلى الخثعمية وكانت ذات جمال، وقال: "شاب وشابة وأخاف أن يدخل الشيطان بينهما". فإن نظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه كان حرامًا، وإن نظر إلى عورة غيره كان مكروهًا، فإن كان النظر لسبب فضربان:

محظور ومباح؛ فالمحظور: كالنظر بمعصية وفجور فهو أغلظ تحريمًا وأشد مأثمًا من النظر بغير سبب، والمباح: على ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يكون لضرورة كالطبيب يعالج موضعًا من جسد المرأة فيجوز أن ينظر إلى ما دعت الحجة إلى علاجه من عورة ويرها. إذا أمن الافتتان بها، ولا يتعدى بنظره إلى ما لا يحتاج إلى علاجه.

والثاني: أن يكون لتحمل شهادة أو حدوث معاملة فيجوز أن يعمد للنظر إلى وجهها دون كفيها لأته إن كان شاهدًا فليعرفها في تحمل الشهادة عنها وفي أدائها عليها وإن كان مبايعًا فليعرف من يعاقده.

والثالث: أن يريد خطبتها فهو الذي جوزنا له تعمّد النظر إلى وجهها وكفها بإذنها وغير إذنها. ولا يتجاوز النظر إلى ما سوى ذلك من جسدها وبالله التوفيق.

[باب ما على الأولياء وإنكاح الأب البكر بغير إذنها]

ووجه النكاح والرجل يتزوج أمته ويجعل عتقها صداقها

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: {فَدَلَّ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سُنَّةُ نَبِيَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَنّ حَقًا عَلَى الأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجُوا الحَرَائِرَ البَوَالِغَ إِذَا أَرَدْتَ النِّكَاحَ وَدَعَوْنَ إِلِى رِضًا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وإذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعُروفِ} [البقرة: ٢٣٢] قَالَ: وَهَذِهِ أَبِيْنُ لآيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى دَلَالَةً عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْمَرأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيِّ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ نَزَلَتْ فِي مَعْقِل بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>