جملته أن الشافعي نص على قولين في اللحمان: أنها أصناف أو صنف واحد والأصح أنها أصناف وهو اختيار المزني، وقد قال الشافعي: وهذا قول يصح ويقاس، وبه قال أبو حنيفة وأحمد في رواية، وقال بعض أصحابنا بخراسان: الأصح أنها صنف واحد وهذا غلط لأنها فروع لأصول هي أجناس فوجب أن تكون [٥٣/ب] أصنافًا كالأدقة ولأن أصح القولين أن الألبان أصناف وهي رشح الحيوان واللحمان نفس الحيوان وذاته فهي أشبه بالأصناف. وقال مالك: اللحمان ثلاثة أصناف: لحم الوحشي والإنسي صنف، ولحم الطير صنف، ولحم دواب الماء صنف. وهي الرواية الثانية عن أحمد إلا أنه جعل الوحش صنفًا آخر. واحتج بأن القصد مختلف في هذه اللحوم فكانت أصنافًا وهذا لا يصح لأن منفعة لحم الإبل ولحم الغنم تختلف وهما صنف واحد عنده فإذا قلنا: إنها صنف واحد بينه الشافعي مما لا مزيد عليه فقال: اللحم كله أنسيه ووحشيه وطائره صنف، وأما السمك على هذا القول فالمذهب أنه صنف آخر. وقال أبو إسحاق: هو نوع من الصنف. كالطير لأن اسم اللحم يقع عليه قال الله تعالى:{وَمِنْ كُلٍّ تَاكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا}[فاطر: ١٢]، فسمي السمك لحمًا وهذا غلط مذهبًا وحجاجًا. أما المذهب قال الشافعي: ومن قال هذا لزمه أن يقول السمك من الصنف وهذا لا يقوله أحد ونص في (الأم) أن الحيتان جنس غير جنس سائر اللحمان. وأما الحجاج هو أنه لا يضاف [٥٤/أ] لحمه إليه وإنما يقال: سمك ولا يقال: لحم سمك فلا ينطلق عليه اسم اللحم ولهذا لو حلف لا يأكل اللحم فأكل لحم السمك لا يحنث وأما الآية قلنا: الله تعالى قيده بالإضافة إلى مسكنه فقال: {وَمِنْ كُلٍّ تَاكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّاَ}[فاطر: الآية ١٢]، فعلم أنه لحم بالتقييد لا بالإطلاق فعلى هذا اللحمان كلها صنفان فلحوم حيوان البر على اختلافها صنف، ولحوم حيتان البحر على اختلافها صنف، واختار القاضي أبو حامد في (الجامع) والقاضي الطبري ما قاله أبو إسحاق وقالا: لم يقل الشافعي على ما حكاه أبو حامد بل قال: ومن قال هذا لزمه عندي أن يقول مثله في الحيتان؛ لأن اسم اللحم جامع لها وقد أطلق الله تعالى فقال:{لَحْمًا طَرِيًّا}[النحل: الآية ١٤]، وعندي للأصح ما تقدم في القياس. والجراد: هل يكون من جنس اللحم؟ وجهان؛ لأن اسم اللحم لا ينطلق عليه ولا يكون صورته صورة اللحم.
فرع
لحمان حيوانات البحر مبني على ما تقدم فإن قلنا: لحمان حيوانات البر صنف