العباس وقيل: كان أسامة بن زيد وهذا أظهر وأصح عندي.
مسألة: قال: ويسلُّ الميتُ مِنْ قبلِ رأسهِ سلًا.
وهذا كما قال. عندنا يسل الميت من قبل رأسه، وذلك أن يوضع رأس السرير عند رأس القبر، ثم يسل سلَا، لأن القبر منزله، والحي إذا دخل منزله أدخل رأسه فيه من قبل رجليه، وقال أبو حنيفة: توضع الجنازة بين القبر والقبلة [٣٥١ أ/٣] ويدخل الميت القبر مغترضاً ويرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخل معترضاً من قبل القبلة وهذا من أفحش الغلط، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قبره ملصقاً بجدار القبلة حتى كان لحده تخت الجدار، فلم يكن هناك بين القبر والقبلة موضع يمكن وضع الجنازة فيه. وروينا عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سل من قبل رأسه سلًا. ولأن عليه عمل أهل الحرمين فكان أولى، لأنه يستحيل أن يجمعوا على ترك السنة الظاهرة إلا بسلطان ظالم قاهر، ولم يكن ش ئ من ذلك.
[باب ما يقال إذا دخل الميت قبره]
مسألة: قال: وإذَا أُدخِلَ الميتُ قبرَهُ.
الفصل
وهذا كما قال الشافعي. جمع في هذا الباب أذكاراً ودعوات يستحب أن يقولها الذين يدخلون الميت قبره، أي: يدعو كل واحد منهم بذلك، وهو أن يقول: بسم الله وعلى ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروي بسم الله، وبالله اللهم أسلمه إليك الأشحاء- أي: المشفقون عليه من [٣٥١ ب/٣] ولده وأهله وقرابته وإخوانه-، وفارق من كان يحب قربه وخرج من سعة الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه، ونزل بك وأنت خير منزول به، إن عاقبته فبذنبه وإن عقوت فأنت أهل العفو، أنت غني عن عذابه، وهو فقير إلى رحمتك. اللهم اشكر حسنته واغفر سيئته وأعذه من عذاب القبر، واجمع له برحمتك إلا من عذابك، واكفه كل هول دون الجنة. اللهم أخلفه في تركته في الغابرين - أي: كن خليفته فيمن تركه من الباقين من أهل قرابته - وارفعه في عليين - أي: وارفع درجته في الجنة - وجد عليه أن يفضل عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين. وهذا كله مما قد جاءت به الأخبار.
وقال بعض أصحابنا: يقول: بسم الله الرحمن الرحيم وعلى ملة رسول الله إلى آخره. ولا وقت في الدعاء، وروي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة فضج ناس من أهله فقال:"لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين وأخلفه في عقبه الغابرين، واغفر له يارب العالمين اللهم افسح له في قبره ونور له فيه"[٣٥٢ أ/٣].