المسألة ثم نعود إلى تأويل الكلام واعتراض المزني وجملته: أن امرأة المفقود إذا تربصت وتزوجت وماتت، ثم قدم الأول.
فإن قلنا بقوله القديم إن الفرقة تقع ظاهرًا وباطنًا فالنكاح الثاني صحيح والثاني يرثها دون الأول ولا كلام.
وإن قلنا بقوله الجديد أو بقوله الآخر إن الفرقة تقع في الظاهر دون الباطن فقد بان في الباطن أن الفرقة باطلة، فإن المفقود كان حيًا ونكاح الثاني باطل، فإذا قدم، وقد ماتت كان له ميراثها النصف أو الربع منع الولد ومهر مثلها على الثاني من تركتها وله ميراثها منه.
فإذا تقرر هذا رجعنا إلى تأويل الكلام، قال ابن سريج: قوله فإن لم تدع شيئًا لم يأخذ من المهر شيئًا لم يرد به ما وجب لها من المهر على الثاني وإنما أراد المهر الذي روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا قدم المفقود وهي تحت الثاني كان الخيار بين أن يأخذها وبين أن أخذ مهر مثلها، وبه قال مالك فالشافعي قال: لا آخذ للزوج هذا المهر على معنى أنه لما فوتها الثاني عليه كان له مطالبته بمهر مثلها لأنها قد ماتت فما فوق الثاني عليه شيئًا، وقوله: إذا لم يجد زوجته بعينها فلا حق له في ميراثها يعني لا نقول إنها ماتت أخذت مهر المثل من ميراثها والدليل على أنه أراد هذا قوله في أول الكلام فإذا قدم أخذ ميراثه منها.
فأما المزني قلنا له: الفقه كما قلت هي زوجة الأول، وله ميراثها منها ويوقف له ميراثه كما قلت، فإن كان حيًا وإلا كان [ق ١٣٢ أ] لورثتها، ولكن الإنكار عليك حيث سمعت كلامه أولًا أن له ميراثه منها كيف لم تتأول كلامه أولًا فإنه ما كان يناقص آخر كلامه أوله. والله أعلم.
إذا مات السيد عن أم ولده أو أعتقها استبرأت بقرءٍ واحدٍ. وكذلك إذا مات مدبرةٍ وكان يطأها، وكذلك الأمة المشتراة والمسببة تستبرأ بقرءٍ واحدٍ، وبه قال ابن عمر، وعائشة، والشعبي، ومالك، وأحمد، وأبو ثور، وأبو عبيد، والفقهاء السبعة والزهري رضي الله عنهم. وقال أبو حنيفة: إذا مات السيد عن أم ولده أو أعتقها اعتدت بثلاثة أقرا ولا تعتد عدة الوفاة.