لله (والمصطفى) رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخير ما افتتح به كتاب الله، قال الله تعالى: {وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ} الآية.
وروي من خطب بعض السلف الحمد لله شكرًا لأنعمه وأياديه، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه، وصلى الله على محمد صلاة تزلفه وتحظيه، واجتماعنا هذا مما قضاه الله وأذن فيه، والنكاح مما أمر الله به ورضيه، قال تعالى: {وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ} [النور: ٣٢]، فتكون الخطبة على ما وصفنا.
قال الشافعي: "وأحب أن يقول الولي مثل ما قال ابن عمر: قد أنكحتها على ما أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
فصل:
فإذا تقرر ما وصفنا من حال الخطبة نظر في الخاطب، فإن كان غير المتعاقدين وهو ما عليه الناس في زماننا كانت خطبته نيابة عنهما، وإن خطب أحد المتعاقدين فيختار أن يخطبا معًا، لأن كل واحد منهما مندوب إلى مثل ما ندب إليه الآخر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما زوج عليًا خطبا جميعًا.
والأولى أن يبدأ الزوج بالخطبة ثم يعقبه الولي بخطبته ليكون الزوج طالباً ويكون الولي محبباً، فإن بدأ الولي بالخطبة ثم خطب الزوج بعده جاز فإن تقدمت خطبتهما قبل البذل والقبول أو قبل الطلب والإيجاب ثم عقده النكاح بعد الخطبتين بالبذل أو بالقبول أو بالطلب والإيجاب.
فقد قال أبو حامد الإسفراييني: إن العقد صحيح، لأن ما تخللهما من الخطبة الثانية مندوب إليه في العقد فلم يفسد به العقد وهذا خطأ والصحيح وهو الظاهر من قول أصحابنا كلهم أن العقد باطل لأمرين:
أحدهما: تطاول ما بين البذل والقبول.
والثاني: أن أذكار الخطبة ليست من البذل ولا من القبول وما قاله من أن الخطبة الثانية مندوب إليها في العقد فلم يفسد بها العقد فصحيح إذا كانت في محلها قبل العقد فأما في خلال العقد فلم يندب إليها فجاز أن يفسد بها العقد، والله أعلم.
[باب ما يحل من الحرائر ويحرم ولا يتسرى العبد وغير ذلك]
قال الشافعي: "انتهى الله تعالى بالحرائر إلى أربع تحريماً لئلا يجمع أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم بين أكثر من أربع".
قال في الحاوي: وهذا كما قال.
أكثر ما يحل للحر نكاح أربع لا يجوز له الزيادة عليهن وهو قول سائر الفقهاء