وحكي عن القاسم بن إبراهيم ومن نسب إلى مقالته من القاسمية وطائفة من الزائدية أنه يحل له نكاح تسع استدلالاً بقوله تعالى:{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ}[النساء: ٣] بواب الجمع. والمثنى مبذل من اثنين والثلاثة مبدل ثلاث والرابع مبدل من أربع فصار مجموع الاثنين والثلاث والأربع تسعاً، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مات عن تسع والله تعالى يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، ولأنه لما ساوى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائر أمته فيما تستبيحه من الإماء وجب أن يساويهم في حرائر النساء.
أحدهما: أنه ما خرج هذا المخرج من الأعداد كان المراد بها أفرادها دون مجموعها لأمرين:
أحدهما: أنه لما كان المراد بقوله في صفة الملائمة: {أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ}[فاطر: ١] أفراد هذه الأعداد وإن منهم من له جناح، وإن منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له أربعة وجب أن يكون في عدد النكاح كذلك.
والثاني: أن أهل اللغة أجمعوا فيمن قال: قد جاءني الناس مثنى وثلاث ورباح أن مفهوم كلامه أنهم جاؤوا على أفراد هذه الأعداد اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة ولم يرد بمجموعها تسعة فكذلك مفهوم الآية.
والدليل الثاني: من الآية أن "الواو" التي فيها ليست واو جمع وإنما هي واو تخيير بمعنى أو تقدير الكلام مثنى وثلاث أو رباع وإنما كان كذلك لأمرين:
أحدهما: أن ذكر التسعة بلفظهما أبلغ في الاختصار واقرب إلى الأفهام من ذكرها بهذا العدد المشكل الذي لا يفيد تفريقه.
والثاني: قوله بعد ذلك: {فَإنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٣] ولو كان المراد تسعاً ولم يرد اثنين على الانفراد لقال: فإن خفتم ألا تعدلوا فثمان ليعدل على التسع إلى أقرب الأعداد إليهما لا لبعده منهما، لأنه قد لا يقدر على العدل في تسع ويقدر على العدل في ثمان. ولو كان على ما قالوه لكان من عجز عن العدل في تسع حرام عليه أن ينكح إلا واحدة ولما جاز له اثنتان ولا ثلاث ولا أربع، وهذا مدفوع بالإجماع ثم الدليل مع نص السنة أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم ومعه عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أمسك أربعاً وفارق سائرهن" وأسلم نوفل بن معاوية وأسلم معه خمسة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أمسك أربعاً وفارق واحدة". ولأنه ما جمع في الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد تقييداً بفعله بين أكثر من أربع من رغبتهم في الاستكثار وحرصهم على طلب