للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الولاء]

قال: أخبرنا محمد بن الحسن الخبر.

الأصل في ثبوت الولاء للمعتق الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب، فقوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ومَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥]، الآية.

وأما السنة: فما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب»، ومعناه امتشاجا كامتشاج النسب واختلاطا كاختلاطه ولهذا قيل مولى القوم منهم، ولهذا لا تحل الصدقة لموالي بني هاشم، وأيضًا روى ابن عمر أن عائشة رضي الله عنهم أرادت أن تشتري [٨/ أ] جارية فتعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا فذكرت عائشة رضي الله عنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا يمنعك ذلك، فإن الولاء لمن أعتق»، ومعنى لا يمنعك ذلك إبطال ما شرطوه من الولاء لغير المعتق، وأيضًا ما روى عروة: أن بريرة جاءت عائشة رضي الله عنها تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كاتبها شيئًا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاءك لي فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها، فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحسب عليك فلتفعل ويكون ولاءك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لها، رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ابتاعي وأعتقي فإن الولاء لمن أعتق»، قم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له وإن شرط مائة شرط شرط الله أحق وأوثق». وروي أنها قالت: إن باعوني إياك صببت لهم صبا على أن يكون الولاء لي الخبر الذي قالت، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «ما بال رجالٍ يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق»، فإن قيل: هذا الخبر لا يصح لأنه يؤدي إلى الغرور، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر بالغرور. وقد روي: ابتاعي واشترطي لهم الولاء، وهذا غرور ولأن فيه بيع المكاتب، وهذا لا يجوز [٨/ ب].

وقد طعن فيه يحيى بن أكثر القاضي بمثل هذا قلنا: ليس فيه شيء يشبه معنى الغرور

<<  <  ج: ص:  >  >>