الصيام، فوجب أن يستوفيا في الحنث بالدخول، لأن اليمين إذا تعلقت باسم استقر حكمها بالدخول في أول الاسم كمن حلف لا يدخل الدار، فدخل أول دهليزها حنث واستدلاله يفسد بالجلوس قدرًا لتشهد، فإنه من جنس أفعالها، ولم تشتمل عليه الركعة الأولى، والله أعلم بالصواب.
[باب من حلف على امرأته لا تخرج إلا بإذنه]
مسألة:
قال الشافعي:"من قال لامرأته أنتِ طالق إن خرجت إلا بإذني أو حتى آذن لك فهذا على مرة واحدة وإذا خرجت بإذنه فقد بر ولا يحنث ثانية إلا أن يقول كلما خرجت إلا بإذني فهذا على كل مرة".
قال في الحاوي: اعلم أن ألفاظ يمينه إذا حلف على زوجته أن لا تخرج إلا بإذنه ينقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: ما اتفق الفقهاء على أنها تنعقد على مرة واحدة، ولا توجب التكرار، وذلك لفظتان "إلى" و"حتى".
فإذا قال لها: أنت طالق إن خرجت إلى أن آذن لك، أو حتى آذن لك، فتنعقد يمينه على خروجها مرة واحدة بإذنه، فإن خرجت مرة واحدة بإذنه بر، وانحلت يمينه ولا يحنث، وإن خرجت بعد ذلك بغير إذنه، واختلفوا في العلة مع اتفاقهم في الحكم، فعلل أصحاب أبي حنيفة بأنهما لفظتان غاية ارتفع حكمها بانقضائها.
وعلل أصحاب الشافعي رحمه الله بأنهما لما لم يتكررا في الحنث لم يتكرر في البر. وتأثير هذا الاختلاف في التعليل يتبين في القسم الثالث، فهذا حكم القسم الأول. والثاني: ما اتفقوا على أنها تنعقد على التكرار في البر والحنث، وهي لفظة واحدة، وذلك قوله: كلما دخلت الدار بغير إذني، فأنت طالق فلفظة "كلما" موضوعة للتكرار، فبره يكون بإذنه لها في كل مرة، وحنثه يكون بأن لا يأذن لها في كل مرة، وإن خرجت مرة بغير إذنه حنث، وطلقت واحدة، ولم تسقط يمينه، وإن خرجت ثالثة بغير إذنه حنث، وطلقت ثالثة، وسقطت يمينه بعدها لاستيفاء ما ملكه من طلاقها.
ولو أذن لها بالخروج ثلاثة مرات من ثلاثة خرجات بر، ولم تخل يمينه، لبقاء الطلاق.
فإن خرجت رابعة بغير إذنه، طلقت، فيقدر الحنث بالثلاث، ولم يتقدر بها البر، لاعتبار الحنث بما ملكه من عدد الطلاق، فلو خرجت مرة بإذنه وثانية بغير إذنه، وثالثة بإذنه، ورابعة بغير إذنه بر في خرجتين الأولى والثالثة.