للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ مِنْ أَهْل الدِّينِ الَّذِي خَرَجَتْ إِلَيهِ حَلَّ نِكَاحُهَا. وَقَالَ فِي كِتَابِ الجِزْيَةِ: لَا يُنْكَحُ مَنِ ارْتَدَّ عَنْ أَصْلِ دِينِ آبَائِهِ لأَنَّهُمُ بَدَّلُوا بِغَيْرِهِ الإِسْلَامَ فَخَالَفُوا حَالَهُمْ عَمَّا أُذِنَ بَأَخْذِ الجِزْيَةِ مِنْهُمْ عَلَيْهِ وَأُبِيحَ مِنْ طَعَاِمِهِمْ ونِسَائِهِمْ".

قال في الحاوي: وقد مضت هذه المسألة وذكرنا أن بني إسرائيل من اليهود والنصارى مقرون على دينهم ويحل نكاح نسائهم ومن دخل في دينهما من العرب والعجم وسائر الأمم على ضربين: قبل التبديل وبعده ممن دخل فيه قبل تبديل أهله كالروم كان على حكمين فيه تقبل جزيتهم وتنكح نساؤهم وتؤكل ذبائحهم. ومن دخل فيه بعد تبديل أهله كان حكم عبدة الأوثان لا تقبل جزيتهم ولا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم فإن بدل بعضهم دون بعض ممن دخل في دين من بدل لم تقر ومن دخل في دين لم يبدل أقر وحل أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم وإن دخل في دينهم قوم أشكلت علينا أحوالهم هل دخلوا فيه قبل التبديل أو بعده أو هل دخلوا فيه من بدل أو مع من لم يبدل كانوا في حكم المجوس يقرون بالجزية حقنًا لدمائهم ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم.

فصل:

وليس للمرتد أن يستأنف عقد نكاح في الردة على مسلمة ولا مرتدة فإن عقد فيه نكاحًا كان فاسدًا سواء تعجل إسلامه فيه أو تأخر لأن ردته تبطل نكاحًا ثابتًا فلم يجز أن يثبت نكاحًا مستأنفًا إلا أن الشافعي قال في موضع تطلق عليه وقال في موضع آخر.

لا تطلق عليه وليس ذلك منه على اختلاف قولين فيه ويحتمل وجهين:

أحدهما: أن قوله لا تطلق يعني واجبًا وقوله: تطلق استحبابًا.

والثاني: أن قوله: لا تطلق إن أنكح مسلمة وتطلق إذا نكح مرتدة والله أعلم.

[باب طلاق الشرك]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "وَإِذَا أَثْبَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَى الله عليه وسلم نِكَاحَ الشِّرْكِ وَأَقَرَّ أَهْلَهُ عَلَيْهِ فِي الإِسَلَامِ لَمْ يَجُزْ واللهُ أَعْلَمْ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ طَلَاقُ الشِّرْكِ لَأنَّ الطَّلاقَ يَثْبُتُ بِثُبُوتِ النِّكَاحِ ويَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ فَإِنْ أَسْلَمَا وَقَدْ طَلَّقَهَا فِي الشِّركِ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ فِي الشِّرْكِ حَلَّتْ لَهُ وِيُسْلِم لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا".

قال في الحاوي: وهذا كما قال: نكاح الشرك صحيح والإقرار عليه جائز وطلاق الشرك واقع وحكم الفرقة ثابت.

وقال مالك: مناكحهم باطلة وإن أقروا عليها وطلاقهم غير واقع واستدل على بطلان مناكحهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء فإنما ملكتم فروجهن بكلمة الله

<<  <  ج: ص:  >  >>